بمقتضى النّهي ، فإنّ مقدّمة الحرام حرام أيضا ، فعاد المحذور ، وهو اجتماع الأمر والنّهي في شيء واحد شخصيّ.
قلت : نمنع أوّلا وجوب المقدّمة ، ثمّ نسلّم وجوبه التبعيّ الذي بيّنّاه في موضعه ، ولكن غاية الأمر حينئذ توقّف الصّلاة على فرد ما من الكون ، لا الكون الخاصّ الجزئيّ ، وإنّما اختار المكلّف مطلق الكون في ضمن هذا الشخص المحرّم.
فإن قلت : نعم ، لكن ما ذكرت من كون الأمر بالكلّيّ مقتضيا للأمر بالفرد يقتضي كون كلّ واحد ممّا يصدق عليه فرد ما مأمورا به من باب المقدّمة أيضا ، والأمر وإن لم يتعيّن تعلّقه بالكون الخاصّ عينا ، لكنّه تعلّق به تخييرا ، فعاد المحذور ، لأنّ الوجوب التخييري أيضا يقبح اجتماعه مع الحرام.
قلت : أمّا أوّلا ، فهذا ليس بواجب تخييري كما حقّقنا لك في مبحث الواجب التخييري ، وإلّا لم يبق فرق بين الواجبات العينيّة والتخييريّة.
وحاصله ، أنّ التخيير في أفراد الواجب العيني بحكم العقل ، ووجوب الأفراد فيه تابع لوجوب الكلّي ، والأمر في التخييري بالعكس (١) ، فوجوب الأفراد في العيني توصّلي ، ولا مانع من اجتماعه مع الحرام ، كما يعترف به الخصم (٢).
وثانيا : إنّا نمنع التخيير بين كلّ ما يصدق عليه الفرد ، بل نقول : إذا أمر الشّارع بالكلّي فإن انحصر في فرد أو انحصر الفرد المباح في فرد ، فيصير الفرد والشخص أيضا عينيّا كأصل الكلّي ، وإلّا فإن كان الكلّ مباحا ، فالتخيير بين الجميع ، وإلّا ففي
__________________
(١) أي التخيير في أفراد الواجب التخييري بالشرع ووجوب الكلي فيه تابع لوجود الأفراد وقد مرّ بعض الفروق الأخر وذلك في قانون الواجب التخييري فلاحظه هناك.
(٢) كصاحب «المعالم».