الأفراد المباحة ، فليس ذلك الفرد الغير المباح مطلوبا ، ولكنّه لا يلزم منه بطلان الطبيعة الحاصلة في ضمنه ، لأنّ الحرام قد يصير مسقطا عن الواجب في التوصّليّات ، بل التحقيق أنّ قولهم أنّ الواجب التوصّلي يجتمع مع الحرام على مذاق الخصم (١) ، لا بدّ أن يكون معناه أنّه مسقط عن الواجب ، لا انّه واجب وحرام ، كما لا يخفى.
وقد حقّقنا لك في مقدّمة الواجب أنّ المقدّمة التي هي موضع النزاع في الوجوب وعدمه ، هي المقدورات المباحة التي كانت من أفعال المكلّف ، وإلّا فقد يصير مقدّمة الواجب شيئا غير مقدور ، بل من غير فعل المكلّف ، مثل غسل الثوب الذي حصل من الغير من دون اطّلاعه ، وقد يكون شيئا حراما ويتمّ الواجب به. فغاية الأمر سقوط التكليف هنا بسبب حصول الطبيعة في الخارج ، وذلك لا يستلزم كون المقدّمة مطلقا مطلوبا للأمر ، وكلّ واحد ممّا يمكن أن يتحقّق به الواجب ، واجبا تخييريا.
نعم ، لو فرض انحصار تحقّق الصلاة مثلا في الدّار المغصوبة ، فنحن أيضا نقول بامتناع الاجتماع ، فلا بدّ إمّا من الوجوب ، أو التحريم.
فإن قلت : هذا إنّما يتمّ على القول بوجود الكلّي الطبيعي ، وهو ممنوع (٢).
قلت : مع أنّ الثابت في موضعه عند المحقّقين (٣) هو الوجود.
__________________
(١) القائل بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي.
(٢) فوجود الكلي الطبيعي ممنوع بناء على القول بعدم وجوده ، وقد اختار هذا المنع جماعة منهم التفتازاني وشارح «المطالع» وعن السيد الشريف والآمدي.
(٣) ومنهم العلّامة الطوسي في «التجريد» : ص ٦٠ و «الشمسية» في الفصل الثالث ٢ / ٢٩٠ وصاحب «المطالع» وشارح «المقاصد» وعن الشيخ في «الشفاء».