واعلم أنّ قولنا : «أصول الفقه» علم (١) لهذا العلم ، وله اعتباران (٢) من جهة الإضافة ومن جهة العلميّة.
فأمّا رسمه باعتبار العلميّة فهو : «العلم بالقواعد (٣) الممهّدة (٤) لاستنباط (٥)
__________________
ـ «والأطول». ونتوصل بالقواعد اللّغوية الى معرفة الألفاظ وكيفية دلالتها على المعاني الوضعية ، إذ يمكن أن نقتدر منها على استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة. والمراد بالقواعد اللّغوية هنا ما ذكره المصنّف من القانون الأوّل الى مبحث الأوامر من المسائل المتعلّقة بالحقيقة والمجاز ، والحقيقة الشرعيّة والصحيح والأعم ، والاشتراك والمشتق. ولا يخفى عليك أنّ تعداد هذه الأمور كلها على أنّها من القواعد اللّغوية تغليبا ، فإنّ بعضها قواعد مبادية للفقه والأصول ولا دخل لها باللّغة كمسألتي الحقيقة الشرعية والصحيح والأعم مثلا.
(١) علم : بفتح العين واللّام عند النحاة قسم من المعرفة وهو ما وضع لشيء بعينه غير متناول غيره بوضع واحد. والظاهر أنّه يريد بالعلميّة هنا نحو ما في كلام النحاة من أنّ الرفع علم الفاعلية أي علامة الفاعلية ، بناء على أنّ كل اسم علامة لمسمّاه لا ما هو من قبيل علم الشخص.
(٢) وله اعتباران : مثنى الاعتبار وهو الغرض والتقدير ، فلأصول الفقه تعريفان : أحدهما باعتبار الاضافة ، وثانيهما : باعتبار العلمية. وله معنى بكل من الاعتبارين ، وجرى رسمهم على ذكر كلا المعنيين وإن كان المقصود هو المعنى العلمي.
(٣) القواعد : جمع قاعدة تطلق على معان مرادف الأصل والقانون ، وهي أمر كلّي أي قضية كلية منطبق أي مشتمل بالقوّة على جميع جزئياته ، أي جزئيات موضوعة عند تعرّف أحكامها ، أي يستعمل عند طلب معرفة أحكامها.
(٤) الممهّدة : المبسّطة والموطّأة.
(٥) لاستنباط : لاستخراج وإظهار الشيء بعد خفائه ، وحرف اللّام يفيد كون تمهيد القواعد المذكورة مغيّا بهذه الغاية.