بأنّ الراجح ترك الصلاة المكروهة من دون بدل ، مع أنّ هذا الكلام (١) في مثل صوم يوم الغدير وأوّل رجب وأيّام البيض والأيّام المخصوصة من شعبان وغيرها كما ترى ، فإنّ صوم مثل الغدير الذي يتّفق مرّة في عرض السّنة ليس ممّا يخالف العادة ويترقّبه المؤمنون ، بل يتبرّك به الفسّاق ، ومع ذلك ينهى عنه الشارع في السّفر ، ولا يريد منه بدله الذي لا وجود له أصلا ، بل لا معنى له مطلقا كما عرفت.
فإن قلت : فما تقولون أنتم في العبادات المكروهة ، فهل يترجّح فعلها على تركها أو بالعكس؟
قلت : المناهي التي وردت عن العبادات تنزيها كلّها ، إنّما تعلّقت بها باعتبار وصفها ، وليس فيها ما تعلّقت بذاتها ، وإن فرضت تعلّقها بذاتها مثل أن تقول : إنّ قراءة القرآن مكروهة للحائض ، على التقريب الذي سنبيّنه في جعل صلاة الحائض من جملة ما نهي عنه لذاتها ، فلا إشكال عندنا في رجحان تركها ومرجوحيّة فعلها ، ولا حاجة فيه إلى تكلّف أصلا ، وإنّما لم نحكم صريحا بكونها كالصّلاة ، لاحتمال أن يقال : أنّ المنهي عنه هو قراءة ما زاد على سبع أو سبعين ، فيرجع الى النّهي باعتبار الوصف أيضا.
والحاصل ، أنّ المفروض إن كان المتعلّق بالذّات فقد عرفت ، وإلّا فلنا أن نقول برجحان الفعل على الترك ، وبالمرجوحيّة ، ولا إشكال في أحد منهما ، فإنّ العقل لا يستبعد من أن يكون لأصل العبادة مع قطع النظر عن الخصوصيّات رجحان ، وللخصوصيّة التي تحصل معها في فرد خاصّ مرجوحيّة من جهة تلك
__________________
(١) أي الكلام الذي في توجيه كلام المجيب لا يجري في مثل صوم يوم الغدير. هذا كما في الحاشية.