للصلاة المندوبة على القول بوجوبه لنفسه ، وكذلك الوجوب الغيريّ مع الاستحباب النفسيّ على القول الآخر ، فكذا يجتمع الرّجحان الذّاتي مع الكراهة للغير ، كصلاة الصّائم مع انتظار الرفقة. والمكروهات للغير كثيرة ، مثل الاتّزار فوق القميص للصلاة ومصاحبة الحديد البارز لها ونحوهما.
وفيه : أنّ المراد بالمرجوحيّة الإضافية إن كان مع حصول منقصة في ذاتها أيضا يستحقّ الترك بالنسبة الى ذاتها أيضا ، فيعود المحذور ، وإلّا فيصير معناه كون الغير أفضل منه وأرجح.
وحينئذ فنقول : ذلك الغير ربّما يكون ممّا يوازي أصل الطبيعة في الثواب فيصير ما نحن فيه مرجوحا بالنسبة الى أصل الطبيعة أيضا ، فيحصل بذلك لهذا الفرد أيضا منقصة ذاتية.
لا يقال : أنّ هذه المنقصة إنّما هي من جهة الخصوصيّة لا من جهة أصل العبادة ، لأنّ ذلك خلاف أصل المجيب (١) ، فإنّ مبناه عدم اعتبار تعدّد الجهة.
ثمّ إنّ الكلام لا يتمّ في غير هذه الصّورة أيضا ، أعني ما كان مرجوحا بالنسبة الى سائر الأفراد التي لها مزيّة على أصل الطبيعة ، ولا يجدي ما ذكره المجيب ، إذ نقول حينئذ بعد تسليم كونه راجحا بالذّات ومرجوحا بالنسبة الى الغير ، فإمّا أن يكون فعل ذلك مطلوبا ، أو تركه أو كلاهما ، الى آخر ما ذكرنا في ردّ الجواب الثاني (٢).
__________________
(١) وهو جواب لقوله : لا يقال حاصله انّ المرجوحيّة في صلاة الحمّام مثلا للفرد من حيث هو بالنسبة الى الصلاة. والقول بأنّ الطبيعة الموجودة فيه راجحة وإن كان في خصوصيّة الفرد مرجوحة ، خروج عن مقتضى مذهب المجيب من عدم اعتبار تعدّد الجهة ، ورجوع الى مختار المصنف ، هذا كما في الحاشية.
(٢) وهو حمل المكروه على أنّ المراد منه هو كونه أقلّ ثوابا.