قوله : وأيضا كيف يجوز ... الخ.
قد عرفت أنّ الشارع لا يقول له : لا تركع ، ولا : اركع هذا ، أو غيره ، بل يقول : لا تغصب. ويقول : اركع ، ولا يقول : اركع هذا الرّكوع ، لما مرّ أنّ التخيير اللّازم باعتبار وجوب المقدّمة إنّما هو بالنسبة الى الأفراد المباحة.
نعم ذلك مسقط عن المباح كما أشرنا. والتكليف (١) الباقي في حال الفعل على تسليم تعلّقه حال الفعل إنّما هو بإتمام مطلق المكلّف به لا مع اعتبار الخصوصيّة وبشرطها ، فلا يرد أنّه يستلزم مطلوبية الفرد الخاص.
فإن قلت : إنّ الحكيم العالم بعواقب الامور ، المحيط بجميع أفراد المأمور به ، كيف يخفى عليه هذا الفرد ، فإذا كان عالما به فمقتضى الحكمة أنّه لا يريده ، فلا يكون من أفراد المأمور به ، فيكون باطلا.
قلت : لعلّ هذا البحث استدراك من أجل ما ذكرنا (٢) من كون دلالة الواجب على مقدّماته تبعيّا ومن باب الإشارة ، وإنّ محاورات الشّارع على طبق محاورات العرف ، والمعتبر في الدّلالة هو المقصود من اللّفظ ، وهو استدراك حسن.
__________________
(١) جواب عن سؤال مقدّر ، تقديره انّ التكليف الباقي بالفعل بعد الشروع فيه على القول ببقائه بعد الشروع الى الفراغ عنه ، وعدم سقوطه بمجرّد الشروع يستلزم مطلوبية هذه الصلاة بخصوصها المنهي عنها ، فعاد المحذور. وملخص الجواب انّ التكليف الباقي بعد الشّروع في هذه الصلاة إنّما هو باتمام مطلق الصلاة المأمور بها لا إنّه ينقلب التكليف بهذه الصلاة بقيد الخصوصية ، هذا كما في الحاشية.
(٢) ذكرناه في بحث المقدمة من أنّ دلالة الأمر بالشيء على وجوب مقدماته تبعيّة من باب الاشارة ، ومعناه انّ وجوب المقدّمات ليس مرادا من الخطاب ، والدلالة عليه ليست مقصودة ، بل هو لازم للمراد منه باللّزوم العقلي الذي يحكم به العقل بملاحظة الخطاب وشيء آخر من القضايا العقلية.