لكنّا نجيب عنه : بأنّ المأمور به إيجاب الطبيعة لا الفرد.
ولا نقول نحن : إنّ هذا الفرد ممّا أمر به الشارع ، وإيجاد الطبيعة لا يستلزم خصوصيّة هذا الفرد.
فإن قلت : نعم ، لكن لمّا رخّص الشارع في إيجاد الطبيعة مطلقا وأمرنا بإيجادها في ضمن الأفراد من باب المقدّمة ، فلا بدّ أن يكون إيجادها في ضمن هذا الفرد مستثنى من الإيجادات.
قلت كاشفا للحجاب عن وجه المطلوب ورافعا للنّقاب عن السرّ المحجوب : إنّه لا استحالة في أن يقول الحكيم : هذه الطبيعة مطلوبي ولا أرضى بإيجادها في ضمن هذا الفرد أيضا ، ولكن لو عصيتني وأوجدتها فيه ؛ لعاقبتك لما خالفتني في كيفيّة الإيجاد لا لأنّك لم توجد مطلوبي ، لأنّ ذلك الأمر المنهيّ عنه شيء خارج عن العبادة.
فهذا معنى مطلوبيّة الطبيعة الحاصلة في ضمن هذا الفرد ، لا أنّها مطلوبة مع كونها في ضمن الفرد ، فقد أسفر الصّبح وارتفع الظلام ، فإلى كم قلت وقلت.
ومن ذلك يظهر الجواب عن الإشكال في نيّة التقرّب ، لأنّ قصد التقرّب إنّما هو في الإتيان بالطبيعة لا بشرط ، الحاصلة في ضمن هذا الفرد ، لا بإتيانه في ضمن هذا الفرد الخاصّ المنهيّ عنه (١).
ثم إنّ هاهنا تنبيهين :
الأوّل : أنّ مقتضى عدم جواز اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد ، عدم إمكان كون الشيء الواحد مطلوبا ومبغوضا.
__________________
(١) وقد ردّ على هذه المقالة بعد أن أظهر التعجّب من ذكرها المحقّق الاصفهاني في «هدايته» : ٣ / ٧٦.