منها : أنّ دفع المفسدة أهمّ من جلب المنفعة.
وهو مطلقا ممنوع ، إذ في ترك الواجب أيضا مفسدة إذا تعيّن.
ومنها : أنّ النهي أقوى دلالة لاستلزامه انتفاء جميع الأفراد ، بخلاف الأمر ، وقد مرّ ما يضعّفه في مبحث تكرار النّهي (١).
ومنها : ما يقال إنّ الاستقراء يقتضي ترجيح محتمل الحرمة على محتمل الوجوب ، كحرمة العبادة في أيّام الاستظهار والتجنّب عن الإناءين المشتبهين ، ونحو ذلك.
وفيه : أنّه لم يظهر أنّ هذا الحكم في أمثال ذلك لأجل ترجيح الحرمة على الوجوب ، بل لعلّه كان لدليل آخر ، مع أنّ الحرمة في الإناءين مقطوع بها بخلافه هنا ، بل يمكن القلب بأنّ الاجتناب عن النجاسة واجب ، وترك الوضوء حرام ، مع أنّ ذلك الاستقراء على فرض ثبوته ، لم يثبت حجّيته مع معارضته بأصل البراءة.
وكذلك ما دلّ من الأخبار على تغليب الحرام على الحلال معارض بما دلّ على أصل الإباحة (٢) فيما تعارض فيه النصّان.
__________________
(١) وهو المنع عن دلالة التكرار وترك جميع الأفراد في جميع الأوقات ، بل القدر المسلّم هو استلزامه انتفاء جميع الأفراد في الجملة وفي زمان يمكن فعله فيه ، وأما استلزامه لترك الجميع في الأوقات والأزمان فلا.
(٢) قال في الحاشية : الأنسب بما نحن فيه أن يقول تغليب الحرام على الواجب ، إذ الكلام في محتمل الحرمة مع الوجوب لا في محتمل الحرمة مع الاباحة. واعلم أنّ ما دلّ على تغليب الحرام على الإباحة أمور أحدها : الكتاب منه قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). نظرا الى انّ المشتبه بالحرام معرض للتهلكة. ثانيها : السنة منها قوله : لا تجامعوا في النكاح على الشبهة ، وقفوا عند الشبهة. وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة. ثالثها : العقل لحكمه بوجوب دفع الضرر ـ