والثالث : الدلالة في العبادات لا في المعاملات مطلقا ، وهو مذهب أكثر أصحابنا (١) وبعض العامّة (٢).
الرابع : الدلالة فيها شرعا لا لغة ، وهو مذهب السيّد رحمهالله (٣) وابن الحاجب.
والخامس : الدلالة في العبادات شرعا لا لغة ، وقد نسبه بعض الأصحاب (٤) الى أكثرهم ، والأقرب القول الثالث.
لنا على دلالته على الفساد في العبادات : أنّ المنهيّ عنه ليس بمأمور به فيكون فاسدا ، إذ الصحّة في العبادات هو موافقة الأمر ، ولا يمكن ذلك إلّا مع الامتثال ، وإذ لا أمر فلا امتثال.
فإن قلت : إنّ هذا إنّما يتمّ لو لم يكن أمر أصلا ، ولكنّ الأمر موجود وهو الأمر بالعامّ فيكفي موافقة العمومات ، فالصلاة في الدّار المغصوبة وإن لم يكن مأمورا بها بالخصوص لكنّها مأمور بها بالعموم ، فثبت الصحة وهو موافقة الأمر ، بل وإسقاط القضاء أيضا ، لأنّ القضاء المصطلح لا يتحقّق إلّا مع فوات المأمور به كما مرّ الإشارة في مبحث دلالة الأمر على الإجزاء ، فلا مانع من كونها مأمورا بها ومنهيّا عنها من جهتين كما أشرنا في مسألة اجتماع الأمر والنهي.
__________________
ـ شرح العضدي. وكذا الاصفهاني في «هدايته» : ٣ / ١٢٥ وزاد عليهم مالك وأبي حنيفة وأهل الظاهر كافة وجماعة من المتكلّمين.
(١) كالفاضلين والعميدي والسلطان وغيرهم. وفي «المعالم : ص ٢٥٠ : وهو مختار جماعة منهم المحقق والعلّامة وهو كذلك كما في «التهذيب» : ص ١٢١ ، و «المعارج» : ص ٧٧.
(٢) كأبي الحسين البصري وهو اختيار الفخر الرازي كما في «المحصول» : ٢ / ٤٤٩.
(٣) كما نقل في «المعالم» : ص ٢٥٠.
(٤) قيل الكاظمي.