قلت : نعم ، لا يستحيل العقل ذلك ولا مانع أن يقول الشارع : صلّ ، و : لا تصل في الدّار المغصوبة ، ولكن لو صلّيت فيها لعاقبتك على إيقاعها فيها ، ولكنّك أتيت بمطلوبي ، ولا يدلّ اللّغة أيضا على خلافه ، ولم يثبت اصطلاح من الشارع فيه أيضا ، ولكنّ المتبادر في العرف من مثل ذلك التخصيص ، بمعنى أنّ هذا الفرد من العامّ خارج عن المطلوب ، والعرف إنّما هو المحكم لا إنّ المنهيّ عنه محض الصّفة دون الموصوف كما يقول الحنفيّة.
هذا في غير المنهيّ عنه لنفسه (١) ، وأمّا هو فالتخصيص فيه أظهر وأوضح ، لأنّ التخصيص فيه بالنسبة الى المكلّفين لا التكليف ، كما أشرنا (٢).
وأمّا النقض بالمعاملات (٣) ، بأنّ التجارة أيضا قد تكون واجبة وقد تكون مستحبّة ، ولا أقلّ من الإباحة ، ولا ريب في تضادّ الأحكام ، فلا بدّ فيه من التخصيص أيضا.
ففيه : أنّ منافاة الوجوب والاستحباب للتحريم لا تنافي صحّة المعاملات بمعنى ترتّب الأثر ، فالتجارة بالنسبة الى الوجوب والاستحباب من العبادات أو بطلانها من هذه الحيثيّة ، بمعنى عدم الثواب (٤) أو حصول العقاب لا ينافي صحّتها من جهة ترتّب الأثر ، وكذلك الكلام في الإباحة ، فإنّ منافاة التحريم معها لا تنافي ترتّب
__________________
(١) مثل صلاة الحائض والذي جعله المصنف من المنهي عنه لنفسه على ما مرّ وغيره مثل ، لا تصل في الدار المغصوبة ، فإنّ النهي فيه إنّما هو للنهي عن الوصف الخارج كما مرّ سابقا.
(٢) في أقسام المنهي عنه على ما مرّ.
(٣) هذا النقض من المدقّق الشيرواني وقيل من الشيرازي كما في الحاشية.
(٤) كما في النّهي التنزيهي.