يناقض التحريم ، فيدلّ على الفساد فيه دون غيره.
وتوضيحه : أنّ المعاملات ممّا لم يخترعه الشارع ، بل كانت ثابتة قبل الشرع ، فما جوّزه الشارع وقرّره وأمضاه فيترتّب عليه الآثار الشرعية ، سواء كان ذلك الأثر أيضا ثابتا قبل الشّرع أو وضعه الشّارع ، وما لم يجوّزه ، فلا يترتّب عليه الآثار الشرعية ، فإن كان تجويزه بلفظ يناقض التحريم ، مثل الحليّة والإباحة والوجوب ونحو ذلك كما في : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) ، و : (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ)(٢) ، المستثنى عن النّهي عن أكل المال بالباطل و : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٣) ونحوها. فالنّهي في أمثال ذلك يدلّ على الفساد ، لأنّ النّهي يدلّ على الحرمة ، فإذا كان بيع مخصوص حراما ، أو عقد مخصوص كذلك ، فلا يكون ذلك من جملة ما أحلّ الله ولا ممّا يجب الوفاء به لامتناع اجتماع الحرمة والحلّيّة ، والحرمة والوجوب ، فيخصّص عموم : أحلّ ، وأوفوا مثلا بذلك ، فيخرج عمّا يثبت له مقتضى الصحّة ، فيصير فاسدا من جهة رجوعه الى الأصل وهو عدم الدّليل على الصحّة ، وقد مرّ في المقدّمات أنّ عدم الدّليل على الصحّة هو الدليل على الفساد ، وما كان من جهة اخرى لا تناقض التحريم فلا يدلّ كما في قوله عليهالسلام : «إذا التقى الختانان
__________________
ـ ولزيادة المعرفة راجع «الفوائد الحائرية» : ص ١٧٤ الفائدة الخامسة عشرة ، ويظهر من كلام صاحب «المدارك».
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) النساء : ٢٩.
(٣) المائدة : ١. (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) مثال للحليّة ، ومثال الاباحة قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) ومثال الوجوب قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).