الفساد ، حيث يستدلّون في جميع الأعصار والأمصار بالنهي على الفساد (١).
وقال : إنّ ذلك الاستدلال إنّما هو في الموضع المذكور ، لا في كلّ موضع ، وأنت خبير بأنّ أكثر تلك الاستدلالات في البيع والنكاح ونحوهما ، وقد عرفت الحال. والتحقيق أنّ النّهي لا يدلّ على الفساد فيها مطلقا ، ويحتاج ثبوت الفساد الى دليل من خارج ، من إجماع أو نصّ أو غير ذلك من القرائن الخارجيّة.
حجّة القول بالدلالة مطلقا في العبادات والمعاملات : أنّ العلماء كانوا يستدلّون به على الفساد في جميع الأعصار والأمصار (٢) من غير نكير.
وردّ : بأنّه إنّما يدلّ على الفساد شرعا.
والحقّ في الجواب : إنّ عمل العلماء ليس بحجّة إلّا أن يكون إجماعا (٣) وهو غير معلوم ، وإنّ الأمر يقتضي الصحّة والإجزاء ، والنّهي نقيضه ، والنّقيضان مقتضاهما نقيضان ، فالنّهي يقتضي الفساد الذي هو نقيض الصحّة.
وفيه مع عدم جريانه فيما ليس مقتضاها الأمر (٤) ، وأنّ أصل المقايسة باطلة (٥) ، لأنّ الأمر يقتضي الصحّة لأجل موافقته والامتثال به ، والفساد المستفاد
__________________
(١) وهو في «الوافية» : ص ١٠٣.
(٢) كما ذكر في «المعالم» : ص ٢٥١.
(٣) كذا في «المعالم» : ص ٢٥٢ ، وفي حاشية المازندراني على «المعالم» : ظاهره انّ هذا إجماع حقيقي ويمكن حمله على السّكوتي.
(٤) قال في الحاشية : هذا هو الوجه الأوّل من الأجوبة الأربعة حاصله أنّ الاستدلال المذكور مبنيّ على كون الصحّة هو مقتضى الأمر ، وهذا يتمّ في مقام كان الأمر موجودا فيه ، وأما إذا لم يكن هناك أمرا أصلا واثبت مقتضى الصحّة في نحو «البيّعان بالخيار» فلا يتمّ هذا الاستدلال.
(٥) عطف على قوله : من عدم جريانه ، وهذا هو الوجه الثاني من الأجوبة الأربعة.