من النّهي لو سلّم ، فإنّما هو لأجل مخالفته ، وتسليم التناقض أو حمل التناقض (١) في الاستدلال على مطلق التقابل ، إنّما تمنع (٢) كون مقتضى المتناقضين متناقضين أو متقابلين إذ قد يشتركان في لازم واحد (٣).
سلّمنا ، لكن نقيض قولنا : يقتضي الصحّة ، لا يقتضي الصحّة (٤) ، لا انّه يقتضي عدم الصحّة ، والذي يستلزم الفساد هو الثاني ومقتضى الدّليل هو الأوّل (٥).
حجّة القول بالدلالة مطلقا شرعا فقط (٦) : استدلال العلماء كما مرّ ، ومرّ جوابه (٧) ، مع أنّ ذلك لا يستلزم كونه من جهة الشرع ، فلا وجه للتخصيص ، وإدّعاء الحقيقة الشرعية في الفساد كما يظهر من بعضهم أيضا في معرض المنع.
__________________
(١) عطف على قوله : من عدم جريانه وهذا هو الوجه الثالث من الأربعة.
(٢) وهو الوجه الرابع من الأجوبة الأربعة.
(٣) كالطهر والحيض بالنظر الى العدة مثلا.
(٤) قال السيد علي القزويني في حاشيته قوله : لكن نقيض قولنا يقتضي الصحة لا يقتضي الصحّة : هذه مغالطة واضحة لأنّ اقتضاء المقتضى ليس جزء في مقتضاه حتى يعتبر التناقض بين الاقتضاء وعدم الاقتضاء ، والمذكور في عبارة الدليل كون نفس الصحة يقتضي الأمر ونفس الفساد يقتضي النهي لا اقتضاء الصحة واقتضاء الفساد ، فكما أنّ الدلالة ليست جزء في في المدلول فكذلك الاقتضاء ليس جزء في المقتضي ، فالأمر والنهي يتشاركان في الاقتضاء ويتفارقان في المقتضي الذي هو الصحة في الأوّل وعدم الصحة في الثاني.
(٥) قال في الحاشية : ومقتضى الدليل هو الأوّل ... الخ أي لا يقتضي الصحة ولا ريب أنّه لا يلزم منه الفساد لكونه أعم منه ، والعام لا يدل على الخاص وحينئذ فالنهي لا يدل على صحة المنهي عنه ولا على فساده ويتوقف فهم أحدهما على دليل آخر.
(٦) لا لغة كما يأتي.
(٧) حيث قال : إنّ عمل العلماء ليس بحجّة إلّا أن يكون إجماعا وهو غير معلوم.