كان هذا إنسانا كان حيوانا ، وليس عدمه معلّقا على عدمه ، ومنه قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١).
وهذا الاستعمال مبنيّ على قاعدة أهل الميزان حيث يجعلون هذا التركيب لبيان الدّليل على العلم بانتفاء المقدّم بسبب انتفاء التالي ، ويقولون : إنّ استثناء نقيض التالي ينتج رفع المقدّم بخلاف العكس (٢) ، يعني يعلم من انتفاء الحيوانيّة انتفاء الإنسانيّة ، ومن انتفاء الفساد انتفاء تعدّد الآلهة.
والثاني : ما يفيد تعليق عدم الجزاء على عدم الشرط أيضا مثل : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» (٣). فعدم التنجيس وجوده معلّق على وجود الكرّيّة وانتفاؤه معلّق على انتفائه ، وهذا هو مصطلح أهل العربيّة ومتعارف لسان أهل العرب ، فظاهر هذا الاستعمال كون الأوّل سببا للثاني ، والنظر إنّما هو الى ظاهر الحال مع قطع النظر عن نفس الأمر.
وما قيل (٤) : من أنّ الأوّل إذا كان سببا فلا يفيد انتفاؤه انتفاء المسبّب لجواز
__________________
(١) الانبياء : ٢٣.
(٢) يعني إنّ استثناء نقيض المقدم لا ينتج رفع التالي لجواز تحقق التالي بدون تحقق المقدم إذا كان التالي أعمّ ، فرفع المقدّم حينئذ ليس دليلا على العلم بانتفاء التالي ، نعم استثناء عين المقدم ينتج عين التالي ولا يمكن هنا أيضا. والحاصل كما هو في الحاشية مذكور انّ الاحتمالات المصوّرة في أمثال هذه التراكيب على قاعدة أصل الميزان أربعة : وضع كل ورفع كل ولكن المنتج منهما في كل قسم شيء واحد. وتفصيله إنّ وضع المقدم ينتج وضع التالي ورفع التالي ينتج رفع المقدم ، وأما وضع التالي فلا ينتج وضع المقدم ، ولا رفع المقدم رفع التالي.
(٣) «الاستبصار» : ١ / ٦ ح ١ ـ ٣ ، «الوسائل» : ١ / ١٥٨ ح ٣٩١ و ٣٩٢.
(٤) القائل هو ابن الحاجب وكلامه من الجمهور ، والجواب عنه مشهور فمن أراد الاطّلاع أو النظر فيه ، فعليه ببحث (لو) في «المطوّل» : ص ٣٣٣.