لنا : إنّ المتبادر من قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، ان لم يجئك فلا يجب عليك إكرامه. لا ، لا تكرمه ، كما توهّم ، وهو علامة الحقيقة ، فإذا ثبت التبادر في العرف ثبت في الشرع واللّغة لأصالة عدم النقل.
وأمّا ما قيل (١) : معناه في العرف الشرط في : إكرامك إيّاه مجيئه إيّاك ، فليس على ما ينبغي.
وكذا ما ذكره العلّامة رحمهالله في «التهذيب» (٢) حيث قال : الأمر المعلّق بكلمة ان ، يعدم عند عدم الشرط لأنّه ليس علّة لوجوده ولا مستلزما له ، فلو لم يستلزم العدم ، العدم خرج عن كونه شرطا ، ويؤدّي مؤدّاه (٣) كلام غيره أيضا.
وهذان الكلامان مبنيّان على الخلط بين اصطلاح النّحاة واصطلاح الأصوليّين في الشرط ، وقد عرفت أنّ المتبادر هو السّببيّة ظاهرا وإن كان مدخول إن بالذّات شرطا مع قطع النظر عن دخول إن ، فهذان الكلامان ناظران الى اعتبار لفظ الشرط ، والغفلة عن أنّ الشرط معناه في الأصول هو ما ذكره لا مطلقا ، ونحن لمّا أثبتنا التبادر لهذه الهيئة التركيبيّة فنقول : سائر الاستعمالات التي ذكرت كلّها مجازات ، لتبادر غيرها ولأنّه خير من الاشتراك.
فما يقال : من أنّها مستعملة في جميع هذه المعاني والاشتراك والمجاز كلاهما
__________________
ـ البصري والقاضيين أبي بكر وعبد الجبّار والآمدي واختاره من متأخري أصحابنا الشيخ الحرّ وغيره.
(١) الظاهر انّ هذا القائل هو صاحب «المعالم» : ص ٢١٣.
(٢) ص ١٠٠.
(٣) قال محمد بن عبد الصمد الأصفهاني في حاشيته : لم أظفر على غير العلّامة استند بما يؤدي هذا المؤدى.