خلاف الأصل ، فلا بدّ أن يكون حقيقة في القدر المشترك ، وهو ما علّق عليه وجود المشروط ، لا وجه له بعد وضوح الدّليل.
هذا الكلام في الجملة الشرطيّة ، وأمّا لفظ الشرط فهو وإن كان خارجا عن محلّ النزاع ، لكن لمّا حصل الغفلة لبعض الفحول (١) هنا ، فخلط الاصطلاحات.
فتحقيق القول فيه ، أنّ المتبادر منه في العرف أحد من المعنيين.
أمّا ما يتوقّف عليه (٢) وجود شيء وينتفي بعدمه أعمّ من أن يكون وجوده علّة أم لا.
وأمّا معنى الإلزام والالتزام فلا وجه لحمله على المعنى الأصولي ، حيث ما ورد هذا.
واحتجّوا (٣) على حجّية مفهوم الشّرط أيضا : بأنّه لو لم يفد التعليق انتفاء الحكم عند انتفاء الشّرط لكان التعليق لغوا يجب تنزيه كلام الحكيم عنه.
وفيه أوّلا : أنّ الخروج عن اللّغويّة لا ينحصر في اعتبار هذه الفائدة ، بل يكفي مطلقها ، وأصالة عدم الفائدة الأخرى لا تنفي احتمالها ، مع أنّ الغالب وجود الفوائد.
وثانيا : أنّ هذا لا يناسب القول بالحجّيّة ولا يوافق القول بالدلالة اللّفظية كما هو المعهود في هذا المقام (٤) في ألسنة القائلين بالحجّيّة ، فإنّ المعيار في أمثال هذه المقامات إثبات الحقيقة والتشبّث بأصالة الحقيقة ، ليكون قاعدة في اللّفظ
__________________
(١) كالعلّامة في «التهذيب» وصاحب «المعالم» ، وغيرهما حيث جعلوا الشّرط في اصطلاح العربية الذي هو عبارة عن الجملة الشرطية التي ظاهرها السببيّة بمعنى الشرط الأصولي ، وتصوروا أنّ اطلاق الشّرط على الجملة الشّرطية مبني على اصطلاح الأصولي ، والحال انّه مبني على اصطلاح العربية ، فخلطوا بين الاصطلاحين.
(٢) أي التلازم في الوجود والعدم.
(٣) والعمدة في هذا الاحتجاج المدقق الشيرواني عند قوله : الحق عندي في دلالة المفهوم انّه ليس من قبيل الدلالة الوضعية ، بل هو بالدلالة العقلية أشبه.
(٤) أي مقام المباحث اللّفظيّة دون المباحث العقلية وذكر أدلّتها.