المخصوص ولا يخرج عن مقتضاه إلّا فيما دلّ دليل على خلافه من الخارج ، ولذلك يتمسّكون بالتبادر وفهم أهل اللّسان ، كما يستفاد من استدلالهم ببعض الأخبار (١) المذكورة في كتب الأصول.
وأمّا إثبات الكليّة اللّفظيّة من جهة الدلالة العقلية ، بمعنى أنّ العقل يحكم بأنّ كلّ موضع لم يظهر للشرط فائدة أخرى سوى ما ذكر ، فلا بدّ من حمله على إرادة ذلك ، فمع أنّ ذلك لا اختصاص له بحجّيّة المفاهيم فضلا عن خصوص مفهوم الشرط ، ولا يقتضي تأصيل أصل على حدة ، لحكم مفهوم الشرط أو مطلق المفهوم ، بل هو يجري في جميع المواضع ، وإنّه إنّما يتمّ لو وجد مقام لم يحتمل فائدة اخرى توجب الخروج عن اللغوية ، وهو ممنوع.
يرد عليه : أنّه يؤول النزاع حينئذ بين المثبت والمنكر الى تجويز اللّغو في كلام الحكيم وعدمه لو وجد مثل هذا الفرض ، ولا أظنّ أحدا من المنكرين يرضى بذلك ، بل الظاهر منهم أنّهم إنّما ينكرون وجود موضع لا يحتمل فائدة أخرى وانّ ذلك (٢) إثبات اللّغة بالعقل.
__________________
(١) كما روي أن يعلى بن أميّة سأل عمر بن الخطاب. فقال : ما بالنا نقصّر وقد أمنا وقد قال الله تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ). فقال عمر : قد عجبت مما عجبت. فسألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : تلك صدقة تصدق الله عليكم بها فاقبلوها. «سنن الدارمي» : ١ / ٣٥٤. وما روي انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّه لما نزل قوله تعالى :(إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ). فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لأزيدنّ على السّبعين.«تفسير الكشّاف» : ٢ / ٢٩٤. وفي قوله تعالى : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) حكاية عن ابراهيم عليهالسلام والله ما فعله كبيرهم وما كذب ابراهيم عليهالسلام «تفسير القمي» : ٤٦ : إنّما قال فعله كبيرهم هذا إن نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا.
(٢) عطف على قول : انّه يؤول النزاع ... الخ.