وما يقال : من أنّ الاستقراء يحكم بأنّ كلّما وجد لفظ لا يتصوّر له فائدة سوى فائدة معيّنة ، فهو موضوع له ، فهو بمعزل عن التحقيق ، غاية الأمر استفادة كون المعنى مرادا من اللّفظ ، وأمّا كونه مدلولا بالدلالة اللّفظيّة ، فكلّا.
فإن قيل : إنّما نحن نقول بأنّ مفهوم الشرط حجّة ، إذا لم يظهر فائدة سوى انتفاء الحكم عند انتفائه ظهورا مساويا لها أو أزيد منها.
وبالجملة ، إذا كان هذه أظهر الفوائد ، لا إذا لم يحتمل فائدة اخرى أيضا.
قلنا : هذا أيضا لا يثبت الدلالة اللّفظية.
وأمّا العقليّة الحاصلة بسبب القرائن الخارجيّة ، فالظاهر أنّ المنكر أيضا يعترف بحجّيته ، ولكنّه لا يصير قاعدة كليّة بخصوص المقام كما هو مقتضى القواعد الأصوليّة (١). فالّذي يليق بقواعد الفنّ إثبات أظهريّتها من بين الفوائد مطلقا ، لا أنّه إذا كان أظهر الفوائد في موضع يكون حجّة في ذلك الموضع.
واحتجّ النافون : بأنّ تأثير الشرط هو تعليق الحكم به ، وليس يمتنع أن يخلفه وينوب منابه شرط آخر ، ولا يخرج من أن يكون شرطا ، ألا ترى أنّ انضمام أحد الرجلين الى الآخر ، شرط في قبول شهادة الآخر وقد ينوب عنه انضمام امرأتين أو اليمين ، فلا يفيد تعليق الحكم بشرط انتفاء الحكم عند انتفائه لجواز ثبوت بدل له.
وظاهر هذا الاستدلال تسليم فهم السببيّة كما ذكرنا (٢) ، لكن المستدلّ به يتمسّك في نفي الحجّيّة باحتمال النائب ، فلا يكفي مجرّد تعليق الحكم بالشرط في
__________________
(١) من أنّ مجرّد الاستعمال لا يكشف عن الحقيقة الكليّة اللّفظية.
(٢) إنّ مجرّد إفادة الهيئة السببيّة لا يفيد كون انتفاء الشرط مقتضيا لانتفاء ما علّق عليه ، لإمكان أن يكون له بدل يقوم مقامه.