وأمّا الجواب عن الثاني (١) : فيظهر ممّا ذكرنا من المعارضة (٢) ، مع أنّ فهمه لعلّه كان عن اجتهاده في اللّغة وكلام اللّغويين.
واحتجّ النافون (٣) : بأنّه لو دلّ لدلّ بإحدى الثلاث (٤) ، وكلّها منتفية. أمّا المطابقة والتضمّن فظاهر ، وإلّا لكان منطوقا ، وأمّا الالتزام فلعدم اللّزوم الذّهني لا عقلا ولا عرفا.
ولي في المسألة التوقّف ،وإن كان الظّاهر في النظر أنّه لا يخلو عن إشعار كما هو المشهور ، إذ التعليق بالوصف مشعر بالعليّة ، لكن لا بحيث يعتمد عليه في الاحتجاج إلّا أن ينضمّ إليه قرينة ، كما في صحيحة الفضيل المتقدّمة. ومن هذا القبيل القيود الاحترازية في الحدود والرسوم. وأمّا مثل قوله تعالى : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)(٥) ، فدلالته على عدم كفاية عتق الكافر ، ليس من جهة مفهوم الوصف كما توهّم ، ولا من جهة مجرّد الإجماع عليه كما نقله العلّامة رحمهالله في «النهاية» ، بل لأنّ اتّحاد الموجب المطلق والمقيّد مع كون التكليف شيئا واحدا
__________________
(١) وهو قوله : وانّ أبا عبيدة فهم من قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... الخ.
(٢) أي مما نقل عن الأخفش وجماعة من أئمة العرب.
(٣) ومن النافين السيد والمحقق والعلّامة كما عرفت ، وفي «الزبدة» : ص ١٥١ : ونفاه الأكثر ، وفي «المعالم» : ص ٢١٦ : ونفاه كثير من الناس وهو الأقرب.
(٤) يعني أنّ اثبات الزّكاة في السّائمة مثلا لا يدلّ على نفيها عن غير السائمة أعني المعلوفة بشيء من الدّلالات. أما المطابقة والتضمن فلأنّ نفيها في المعلوفة ليس عين اثباتها للسائمة ولا جزءه وإلّا لكانت الدلالة بالمنطوق لا بالمفهوم ، والخصم معترف بفساده.
وأما الالتزام فلأنّه لا ملازمة في العقل ولا في العرف بين ثبوت الحكم في السّائمة ونفيه في المعلوفة ، هذا كما في الحاشية.
(٥) النساء : ٩٢.