والحق عدم الدّخول لأنّه الأصل ، بمعنى انّ اللّفظ لا يدلّ على الدّخول والأصل عدم إرادة المتكلّم ذلك ، وإلّا فقد يكون الدخول موافقا للأصل ، بل المتبادر من اللّفظ عدم الدخول فيكون ذلك أيضا مفهوما من التعليق بكلمة الى.
وأمّا دخول المرفق في آية الوضوء فإنّما هو من دليل خارج ، لا لأنّ الى بمعنى مع ، لأنّ الحق انّه لانتهاء الغاية ، وكونه بمعنى مع مجاز ، وإنّما يصار إليه من جهة الدليل الخارجي.
ثم إنّ التوقّف لا يستلزم القول بالاشتراك كما توهمه (١) فخر الدّين وأبطله بأنّه لا يمكن القول بالاشتراك لعدم جواز وضع الشيء لوجود الشيء وعدمه.
أمّا أوّلا : فلأنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة (٢) ، والإجمال أعمّ من الاشتراك ولا ينحصر التوقّف في صورة الاشتراك.
وأمّا ثانيا : فلجواز الاشتراك بين الوجود والعدم كما في القرء. وأمّا ما قاله فخر الدّين : من أنّه لغو لخلوّ الكلام عن الفائدة حين التردّد بين الوجود والعدم ، لأنّ التردّد بين النفي والإثبات حاصل لكلّ واحد قبل إطلاق اللّفظ أيضا (٣).
ففيه : أنّه قد يحصل الفائدة بمثل قول القائل : اعتدّي بقرء.
فتأمّل في ذلك فإنّه يمكن إرجاع الطهر الى الوجودي (٤) أيضا.
__________________
(١) أي توهم انّ القائل بالتوقف مذهبه الاشتراك.
(٢) هذا ناظر الى إبطال ما قاله فخر الدّين من أنّ القول بالتوقف يستلزم الاشتراك. راجع «الفصول» : ص ١٥٣.
(٣) حكاه عن بعضهم عن الفخر في «الفصول» : ص ١٥٣.
(٤) فلا يكون المثال مما نحن فيه ، كما يمكن ارجاع عدم الدخول الى الوجودي فتأمل كما في الحاشية.