إذا عرفت هذا فلنرجع الى أصل المسألة ، والحقّ ما قلناه (١) ، لأنّ المتبادر من قول القائل : صوموا الى اللّيل ، انّ آخر وجوب الصّوم اللّيل ولا يجب بعده.
ومن قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(٢) عدم حرمة المقاربة بعد حصول الطهر ، فلو ثبت الصيام بعد اللّيل أيضا أو حرمة المقاربة بعد حصول الطّهر أيضا لما كان الغاية غاية ، وهو خلاف المنطوق (٣).
فإن قلت : إنّه لو كان خلاف المنطوق فيكون الكلام مع التصريح بعدم إرادة المفهوم مجازا ، ولم يقل به أحد.
وأيضا فإن كان المراد من قولك : آخر وجوب الصوم اللّيل ما ينقطع عنده الصوم فقد صار هذا المفهوم من جملة المنطوق ، وإن كان المراد ما ينتهى عنده الصوم سواء انقطع أو لم ينقطع فلا خلاف المنطوق في المسكوت ، أعني ما بعد الغاية.
قلت : إن أردت من التصريح بعدم إرادة المفهوم مثل ان يقول المولى لعبده : سر الى البصرة ولا أريد منك عدم السّير بعنوان الوجوب بعده ، فهو مجاز وهو لازم كل من يقول بحجيّة مفهوم الغاية ، فكيف تقول بأنّه لم يقل به أحد. وإن علم من المتكلّم إرادة الحقيقة ، فلا بدّ أن يحمل ذلك على النسخ إن قلنا بجواز النسخ فيما كان آخره معلوما خصوصا إذا كان قبل حضور وقت العمل ، وإلّا فيقبح صدوره عن الحكيم.
__________________
(١) من أنّ التعليق بالغاية يدلّ على مخالفة ما بعدها لما قبلها.
(٢) البقرة : ٢٢٢.
(٣) فإنّ عدم كون الغاية غاية على فرض ثبوت الوجوب بعد مجيء اللّيل أيضا والحرمة بعد حصول الطهر أيضا ، خلاف المنطوق ، لأنّ مقتضى المنطوق هو كون مجيء اللّيل آخر وقت وجوب الصوم ، وحصول الطهر آخر وقت حرمة المقاربة.