وبالجملة ، الأعداد المعتبرة في الشّرع قد يتوافق حكمها مع الأقلّ والأكثر ، وقد يتخالف فاستعماله عامّ والعامّ لا يدلّ على الخاصّ.
وقد يتوهّم (١) أنّ تحديد أقل الحيض بالثلاثة وأكثره بالعشرة إنّما أستفيد من مفهوم العدد في قوله عليهالسلام : أقلّ الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيّام (٢). فإنّه لا يجوز التجاوز ولا الاقتصار بالأقل.
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ تحديد الأقل لا يتمّ إلّا بعدم تحقق الحيض في يومين وإلّا لكان هو الأقل ، وبأن لا يكون الأربعة أقلّ وإلّا فلا يتحقّق بثلاثة ، وليس هذا من مفهوم العدد في شيء ، وقس عليه حال الأكثر (٣).
والظاهر أنّ الكلام في المقدار والمسافة وأمثالهما هو الكلام في العدد.
وأمّا مفهوم الزّمان والمكان فهو أيضا كذلك (٤). وذهب الى حجّيتهما جماعة (٥) ، ويظهر الاحتجاج والجواب ممّا تقدّم.
__________________
(١) ربما مقصوده من المتوهم هذا المحقق الوحيد ، لذكره المثال المذكور في «فوائده» : ص ١٨٤.
(٢) «التهذيب» : ١ / ١٥٦ ح ٤٤٩ ، «الاستبصار» : ١ / ١٣١ ح ٤٥٠ ، «وسائل الشيعة» : ٢ / ٣٩٠ ح ٢١٦٠.
(٣) أي قسّ على حال الأقلّ حال الأكثر. فنقول : إنّ تحديد أكثريّة الحيض بعشرة أيّام لا يتمّ إلّا بعد تحققه في أحد عشر وإلّا لكان هو الأكثر لا عشرة أيام ولا في تسعة أيام وإلّا فلا يتحقّق بالعشرة.
(٤) أيّ انّ مفهوم الزّمان والمكان مثل مفهوم اللّقب والعدد في عدم الحجّية.
(٥) حجّة عند جماعة نقله الآمدي عن الحنابلة في «الإحكام» : ٢ / ١٩٩ ، وعن الشافعي في «المنخول» : ص ٢٠٩ ، ومردود عند المحققين كما ذكر الشهيد في «التمهيد» : ص ١١٦.