موضوعا للعموم وهكذا.
وأمّا العقل المحض فلا مدخليّة له في إثبات اللّغات.
وأمّا التبادر وصحّة السّلب ونحوهما ، فإنّما هي أدلّة للفرق بين الحقيقة والمجاز ، لا لاثبات أصل الوضع.
ولا بأس بتوضيح المقام وإن كان خارجا عمّا نحن فيه ، لتنبيه الغافلين.
فنقول : إنّ الوضع لا يثبت إلّا بالنقل عن الواضع لبطلان مذهب عبّاد بن سليمان الصيمري وأصحاب التكسير (١) من أنّ دلالة اللّفظ على المعنى إنّما نشأت من مناسبة ذاتيّة وإلّا لتساوت المعاني بالنّسبة الى اللّفظ فإمّا أن يكون هناك تخصيص وترجيح في الدّلالة على المعنى أو لا. فعلى الثاني يلزم التخصّص من غير مخصّص ، وعلى الأوّل التخصيص بلا مخصّص وهما محالان.
والجواب : امّا بأنّ المرجّح هو الإرادة إمّا من الله تعالى (٢) لو كان هو الواضع كخلق الحوادث في أوقاتها أو من الخلق (٣) لو كان هو الواضع كتخصيص الأعلام
__________________
(١) في «الفصول» ص ٢٣ سليمان بن عبّاد الصيمري وليس كما في المتن ، نعم في «المحصول للرّازي» ج ١ ص ١٨١ و «أوائل المقالات» للشيخ المفيد و «تمهيد القواعد» للشهيد : عباد بن سليمان كما في المتن. هذا وانّ التكسير أي تكسير الحروف بنفسها أو بأعدادها ، وقد يفرّق بين علم التكسير وعلم الأعداد واذا افترقا اجتمعا واذا اجتمعا افترقا.
(٢) اشارة الى ما ذهب اليه أبو الحسن الأشعري من أنّ اللّغات كلها توقيفيّة وضعها الله تعالى ووقفنا عليه بالوحي الى الأنبياء عليهمالسلام أو بخلق أصوات تدلّ عليه ، وأسمعها واحدا أو جماعة أو بخلق علم ضروريّ بهما في واحد أو جماعة.
(٣) إشارة الى ما ذهب إليه جماعة من أنّها اصطلاحية يعني واضعها البشر واحدا أو ـ