بالأشخاص أو بمنع انحصار المرجّح فيما ذكروه لم لا يكون شيء آخر مثل سبق المعنى الى الذّهن من بين المعاني في غيره تعالى ، ومصلحة اخرى فيه تعالى مع أنّه يدفعه الوضع للنقيضين والضدّين (١) ، واقتضاء اللّفظ بالذّات لذلك في وقت دون وقت أو شخص دون شخص ممّا لا معنى له ، لأنّ الذّاتي لا يتخلّف ، ولذلك وجّه السّكاكي هذا المذهب وأوّله بأنّ مراده انّ الواضع لم يهمل المناسبة بين اللّفظ والمعنى كما هو مذهب أهل الاشتقاق. فذكروا انّ الفصم ـ بالفاء ـ لكسر الشيء مع عدم الإبانة ، والقصم ـ بالقاف ـ له مع الإبانة ، للفرق بين الفاء والقاف في الشدّة والرّخاء كالقسمين من الكسر. فثبت انّ طريق ثبوت الوضع هو النقل لعدم إمكان حصول العلم به من جهة اخرى.
والمرجّحات العقليّة والمناسبات الذوقية ممّا لم يثبت جواز الاستناد إليها في إثبات الأشياء التوظيفيّة التوقيفيّة كالأحكام الشرعيّة الفرعيّة ، ولذلك لا يجوز إثباته بالقياس أيضا كما جوّزه قوم من العامّة فيما لو دار التّسمية بالاسم مع معنى في المسمّى وجودا وعدما ، كالخمر فإنّها دائرة مع تخمير العقل وجودا وعدما ، فقبله عصير وبعده خلّ والدوران يفيد العليّة ، فكأنّ الواضع قال سمّيت هذا خمرا
__________________
ـ جماعة ثم حصل التعريف باعتبار الإشارة والتكرار والترديد بالقرائن كما أنّ الاطفال يتعلّمون اللّغات. وهاهنا قولان آخران أيضا أحدهما : انّ القدر المحتاج إليه في معرفة الاصطلاح توقفي والباقي اصطلاحي ، وثانيهما : التوقف. وأدلّة الأقوال في كتب القوم في المبادئ اللّغوية فمن شاء الاطّلاع فليعد إليها.
(١) ومما وضع للنقيضين هو (القرء) فإنّه موضوع بوضع متعدّد للطهر والحيض وكل منهما نقيض الآخر ، إذ الحيض عبارة عن عدم الطّهر الذي هو نقيض الطّهر ، وكذا الطّهر عبارة عن عدم الحيض الذي هو نقيض الحيض. ومما وضع للضدين هو (الجون) فإنّه أيضا موضوع بوضع متعدّد للسّواد والبياض واحدهما ضد الآخر لكونهما وجوديين.