التصرّفات الأخر الموجبة لتنويع الأوضاع ، كالتثنية والجمع وغيرهما. ففي قولنا : جاء رجل ، أريد شخص معيّن في الخارج عند المتكلّم ، غير معيّن عند المخاطب ، ومعناه حينئذ في ظرف التحليل ، جاء شخص متّصف بأنّه رجل ، فيستلزم تلك النسبة التقييدية المستفادة من المادّة ، والتنوين نسبة خبريّة وهو قولنا : هو رجل ، بالحمل المتعارفي ، والكلام فيه هو الكلام في : زيد إنسان ، كما مرّ ، ولا مجاز في أطرافه ولا في نسبته كما بيّناه. ولو أريد : جاء شخص هو لا غير رجل ، فيستلزم المجاز في اللّفظ بظاهر الإطلاق ، فإنّ الحبيب النجّار (١) لا غير مثلا معنى مجازي للّفظ المركّب من (ر ج ل).
فإن قلت : إرادة الخصوصيّة من الفرد لا يستلزم انحصار الكليّ في الفرد ، بل معناه أنّ هذا الشخص مع الخصوصية رجل ، فاستعمل اللّفظ الموضوع للجزء في الكلّ بطريق الحمل المتعارفي ، وهو لا ينافي تحقّق الرجل في غير هذا الشخص أيضا.
والحاصل ، أنّ اللّفظ هنا استعمل في الفرد مع قيد الخصوصية وأطلق عليه ، والمفروض أنّه (٢) لم يوضع إلّا للماهيّة ، فاستعماله في الماهيّة والتشخّص
__________________
(١) وفيه نزل قوله تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى) ـ الى قوله : (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) ـ في سورة يس ـ كما في «تفسير القمّي». وقيل أنّه ممن آمن بالنبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وبينهما ست مائة سنة : وقيل أنّه كان في غار يعبد الله فلما بلغه خبر الرسل أظهر دينه. وفي «الجوامع» عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : سبّاق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين علي بن أبي طالب عليهالسلام وصاحب يس ومؤمن آل فرعون فهم الصديقون وعلي أفضلهم. وهو هنا غير الذي هو في سورة القصص على ما يظهر من التفسير.
(٢) أي اللّفظ المركب من (ر ج ل) لم يوضع إلّا للماهيّة.