فالمطلوب منه فرد ما من الرّجل لا طبيعة الرّجل الحاصلة في ضمن فرد ما ، إلّا أنّ الإتيان بالكليّ يتوقّف على الإتيان بمصداق فرد ما ، وهو فرد معيّن في الخارج بتعيين المخاطب ، فلو أردت من قولك : جئني برجل ، جئني بالطبيعة الموجودة في ضمن الفرد ، فهو مجاز أيضا لعدم الوجود بالفعل اللّازم لصحّة الإطلاق بالفعل ، بخلاف هذا الرّجل مشيرا الى الطبيعة الموجودة بالفعل في ضمن فرد.
وأمّا مثل : جاء رجل ، فإن أريد منه النّكرة فهو بعينه مثل : هذا الرّجل ، لأنّه أطلق على الطبيعة الموجودة ، فإنّ الرّجل الجائي هو مصداق فرد ما لا مفهومه ، وطبيعة فرد ما موجودة في ضمنه ، وإن أريد منه اسم الجنس فيصحّ أيضا حقيقة لإطلاقه على الطبيعة الموجودة.
ومع هذا كلّه ، فالعجب من هؤلاء (١) إنّهم أخرجوا العهد الخارجي عن حقيقة الجنس وهو أولى بالدّخول!
ولعلّهم توهّموا أنّ هاهنا لما أطلق وأريد الفرد بخصوصه فهو مجاز ، وهو توهّم فاسد ، لأنّ هذا ليس معنى إرادة الخصوصيّة كما بيّنا ، فإنّ قولنا : هذا الرّجل ، أيضا من باب العهد الخارجي الحضوري. ولا ريب أنّ المشار إليه هو الماهيّة الموجودة في الفرد ، لا إنّ المراد أنّ المشار إليه هو هذا الكليّ لا غير حتّى يكون مجازا.
وظنّي ، أنّ توهّم (٢) القول بكون المعرّف بلام الجنس حقيقة في العهد الذهني ، إنّما نشاء من أنّهم لمّا رأوا الأحكام المتعلّقة بالطبائع على أنواع :
منها : ما يفيد حكما للماهيّة من حسن أو قبح أو حلّ أو حرمة ونحو ذلك مثل :
__________________
(١) وقد أتى على ذكره ومعالجته في «هداية المسترشدين» : ٣ / ١٧٨ ـ ١٨٣.
(٢) إذ كلماتهم صريحة في إرادة الفرد من مفرد المعرّف بالذّات لا بالتّبع.