البيع حلال ، والرّبا حرام ، والصلاة واجبة ، والصوم جنّة من النار ، والخمر كذا ، والخنزير كذا ، واللّحم كذا وأمثال ذلك مما لا يحتاج تصوّر معناه ولا تحقّقه الى ملاحظة فرد.
ومنها : ما يفيد طلب تحصيل الماهيّة مثل : صم وصلّ واشتر اللّحم ، وجئني باللّحم وغير ذلك. وفي هذه الأمثلة يدلّ الأمر على إيجاد الماهيّة في ضمن الفرد ، والإتيان بفرد منها دلالة طبعيّة غير مقصودة بالذّات من باب المقدّمة ، وهذا لا يسمّى مدلولا حقيقيّا للّفظ ، فالمقصود بالذّات من قول القائل : اشتر اللّحم ، طلب نقل طبيعة اللّحم لا بشرط الى المشتري من دون التفات الى فرد ، ولكن يلزمه وجوب كون فرد ما مطلوبا بالتّبع وهو عين [غير] المعرّف بلام الجنس ، ولم يرد من اللّفظ فرد ما مطلقا ، فظنّوا أنّ هذا المعنى التّبعي هو مدلول اللّفظ.
فإن قلت : إنّ مراد هؤلاء أيضا هو ما ذكرت لا غير.
قلت : ليس كذلك ، بل صرّحوا بأنّ المعرّف باللّام مستعمل في فرد ما ، لا انّ العقل يحكم تبعا بوجوب إيجاد فرد ما ، وإن شئت لاحظ كلام التّفتازاني في «المطوّل» : وقد يأتي المعرّف بلام الحقيقة لواحد من الأفراد (١) باعتبار عهديّته في الذّهن لمطابقة ذلك الواحد الحقيقة ، يعني يطلق المعرّف بلام الحقيقة الذي هو موضوع للحقيقة المتّحدة في الذّهن على فرد موجود من الحقيقة باعتبار كونه معهودا في الذّهن وجزئيّا من جزئيّات تلك الحقيقة مطابقا إيّاها ، كما يطلق الكلّي الطبيعي على كل من جزئياته الى آخر ما ذكره.
__________________
(١) هذا كلام التفتازاني في «المطوّل» في تعريف المسند إليه باللّام ص ٦٣ وكذا كلامه الآتي وهو انّه إنّما اطلق على الفرد الموجود ... الخ وقد ذكره المصنف.