الأفراد حينئذ إنّما تتشخّص وتتميّز بتميّز المتكلّمين والمخاطبين لا بتفاوت الطلب وملاحظة الوجوب والنّدب ، فلو استعمل حينئذ في الوجوب أو الندب فيكون مجازا.
وإن أراد القدر المشترك المنتزع من الوجوب والندب بمعنى الأمر الدّائر بين الأمرين ، فحينئذ يصحّ كلام المستدلّ من أنّه حقيقة فيهما على المختار في الموضوع له ، ويظهر بطلان كلام المجيب (١) ، ولعلّ المستدلّ أراد ذلك.
نعم لو فرض حينئذ استعمال الصّيغة في القدر المشترك بين الأمرين بالمعنى الأوّل ، أعني الطّلب الرّاجح الخالي من ملاحظة الوجوب والندب وعدم الالتفات إليهما أصلا ، فيكون مجازا.
كما يلزم هذا لو قيل بوضعها للوجوب فقط أو للنّدب فقط أيضا ، فعليك بالتأمّل في موارد إطلاق الكليّ وتمييز أنواعها وأقسامها حتى لا يختلط عليك الأمر ، هدانا الله وإيّاك الى صراط مستقيم.
الرابعة :
مقتضى ما ذكرنا (٢) من التقرير في الجمع ، أوّلا : أن يكون عموم الجمع بالنسبة الى الجماعات كالمفرد بالنسبة الى الأفراد ، فإنّ جنس الجماعة إذا عرّف بلام الجنس وأريد منه الاستغراق ، لا بدّ أن يراد منه استغراقه لجميع ما يصدق عليه
__________________
(١) بأنّه مجاز.
(٢) أي ما ذكرنا في المقدمة الثانية من أنّ عموم الجمع كالمفرد أي كما انّ عموم المفرد يقتضي استيعاب مدخوله أي الأفراد ، فكذلك عموم الجمع يقتضي استيعاب مدخوله أي الجموع.