حقيقة فيه اتّفاقي والأصل عدم غيره ، والمجاز خير من الاشتراك.
ويبقى الكلام مع من يدّعي كونه حقيقة في الاستغراق وسنبطله إن شاء الله تعالى.
ويدلّ عليه (١) أيضا عدم اطّراد الاستثناء ، بمعنى أنّه لا يصحّ في العرف في كل موضع وإن لم يوجد هنا قرينة إرادة خلاف العموم أيضا لقبح : جاءني الرّجل إلّا البصري ، وأكرم الرّجل إلا السّفهاء.
وأمّا الاستدلال بجواز : أكلت الخبز وشربت الماء ، وعدم جواز : جاءني الرّجل كلّهم ، فضعيف لأنّ عدم إمكان أكل جميع الأخباز وشرب جميع المياه قرينة على عدم العموم ، وعدم جواز التأكيد بما يؤكد به العامّ لعلّه مراعاة للمناسبة اللّفظية.
واحتجّوا بما حكاه بعضهم (٢) عن الأخفش : أهلك الناس الدّرهم البيض والدّينار الصّفر.
وأجيب عنه : بأنّه لا يدلّ على العموم ، لأنّ مدلول العامّ كلّ فرد ، ومدلول الجمع مجموع الأفراد (٣).
وفيه ما فيه ، لما عرفت من أنّ عموم الجمع أيضا أفراديّ.
وبقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)(٤).
وفيه : أنّ ما يدلّ على كون اللّفظ للعموم اطّراد الاستثناء في جميع ما يحتمل
__________________
(١) أي على بطلان الاستغراق وصحة الجنس.
(٢) كصاحب «المعالم» و «المحصول» و «التهذيب» وأكثر الاصوليين وإن تركوا نسبته إلى الأخفش.
(٣) وبينهم بون بعيد كما قال المجيب وهو صاحب «المعالم» : ص ٢٦٣.
(٤) العصر : ٣.