عليه الأنظار الأخر.
وأمّا قوله (١) : ولأنّ تقدّمه قرينة مرشدة إليه.
ففيه : أنّه إن أراد أنّه حصل العلم بسبب تقدّمه أنّه هو المراد أو الظنّ ، فيكون ذلك قرينة معيّنة لأحد المعاني المشتركة ، فحينئذ لا يبقى احتمال لإرادة المعاني الأخر ، ولا يناسب ذلك التمسّك بمقتضى أصالة البراءة.
وإن أراد أنّ التقدّم والمعهوديّة يجوّز إرادة العهد ويصحّحه ، فهو ليس إلّا جعل المقام قابلا للاحتمال وتحقيقا للإجمال بسبب إرادة كلّ واحد من المعاني المشتركة ، ومجرّد صلاحيّة إرادة أحد المعاني من المشترك لا يرجّح إرادته كما لا يخفى.
ثمّ ما يظهر لي ، أنّ ما لبس المقام وخلط الكلام في هذا المرام هو ما تعارف بينهم أنّ المطلق ينصرف الى الأفراد الشّائعة ، فجعل الشهيد الثاني رحمهالله الأفراد الشّائعة معهودة ، وجعل الألف واللّام إشارة الى الصنف المعهود المتعارف في المحاورات ، ثمّ عمّم الكلام في مطلق العهد (٢) ، ونظر الى أنّ التقدّم في اللّفظ يرشد الى إرادة المذكور سابقا في العهد الذّكري ، والتقدّم في التعارف والاصطلاح يرشد الى إرادة الأفراد المتعارفة فيما كان العهد من جهة ذلك ، فعلى هذا يكون التقدّم قرينة معيّنة للإرادة ، لا مجوّزة.
ويرد عليه حينئذ ، مضافا الى ما سبق (٣) : أنّ التقدم في الذّكر لا يعيّن إرادة
__________________
(١) قول الشهيد في «التمهيد» كما عرفت.
(٢) أي سواء كان من باب العهد الذّكري أو من باب العهد المتعارفي.
(٣) من عدم المناسبة بالتمسّك بأصالة البراءة.