والثانية : الحكم عليه بشيء ، مثل : أحلّ الله بيوعا.
والثالثة : الأمر بإيجاده ، مثل : أقم نوافل.
والرابعة : جعله متعلّقا للمأمور به ، مثل : أعط ثلث مالي رجالا أو علماء أو أضفهم في أيّام وصم أيّاما ، ونحو ذلك.
أمّا الصّورة الأولى : فقد لا يراد من الإخبار معرفة حال المخبر عنه ، ولا يقصد إلّا إسناد الفعل إليه ، والمقصود بيان تحقّق ذلك الفعل من فاعل معيّن عند المتكلّم غير متعيّن عند المخاطب ، كما في قوله تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ)(١). ففي مثل ذلك لا يقتضي الحكمة حمل اللّفظ على العموم أصلا ، ويبقى في الجمع إفادة الكثرة ، ولمّا لم يتعيّن من اللّفظ ، فيعلم أنّ الأقلّ مراد جزما. فالذي نستفيده من المثالين الأوّلين (٢) بعنوان الجزم ، هو مجيء ثلاثة رجال وثبوت ثلاثة دراهم.
وأمّا الصورة الثانية : فإذا كان المراد بيان الحكم للبيوع ، فلا بدّ من معرفة أشخاصها بصيغة خاصّة بها أو بما يعمّها ، فلا يتأتّى الجواب المذكور فيها.
وحملها على الأقلّ ينافي الحكمة لعدم التعيين ، إلّا أن يرجع ذلك المثال أيضا الى الصورة الأولى ، فيكون الإشكال في تعيين البيع لا في تعيين البيوع ، بأن يقال : لا إجمال في بيان العدد بحيث ينافي الحكمة وهو المقصود بالذّات في هذا المثال كما في : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ)(٣). وإنّما يحتاج الى البيان في غيره ،
__________________
(١) القصص : ٢٠.
(٢) المذكورين في الصورة الاولى.
(٣) القصص : ٢٠.