أيضا ، إلّا أن يقال : لمّا كان الحكم على الطبيعة باعتبار وجودها فينصرف الى الوجود الغالب ، فتأمّل لئلّا تتوهّم أنّ هذا رجوع عن القول بكون الطبائع متعلّقة للأحكام كما أشرنا سابقا.
ثمّ إنّهم ذكروا (١) في مقام الفرق بين المطلق والعامّ.
أنّ المطلق هو الماهيّة لا بشرط شيء (٢).
والعامّ هو الماهيّة بشرط الكثرة المستغرقة (٣).
وهذا لا يخلو عن خفاء ، فإنّ المطلق على ما عرّفوه في بابه : هو الحصّة الشّائعة في جنسها ، وبعبارة أخرى : هو الفرد المنتشر.
وقد صرّح بعضهم بالفرق (٤) بين المطلق والنّكرة أيضا : بأنّ المطلق هو الماهيّة لا بشرط شيء ، والنّكرة هو الماهيّة بشرط الوحدة الغير المعيّنة ، وجعل الشخص المنتشر عبارة أخرى عنها. وغلط من قال : بأنّ المطلق هو الدالّ على واحد لا بعينه (٥) ، وأنت خبير بأنّ ذلك ينافي ما ذكروه في تعريف المطلق واتّفاقهم على التمثيل بمثل : اعتق رقبة.
ويمكن توجيه ما ذكروه في الفرق بين العامّ والمطلق ، بأنّ المراد من المطلق هو الماهيّة لا بشرط ، والعامّ هو الماهيّة بشرط شيء ، بأن يقال : إنّ المراد برقبة في قوله : اعتق رقبة ، هو مثل : ما أريد بأسد في قول الشّاعر : اسد عليّ وفي الحروب نعامة ،
__________________
(١) ذكره الشهيد الثاني في «تمهيد القواعد» وغيره.
(٢) «تمهيد القواعد» : ص ١٥٦.
(٣) «تمهيد القواعد» : ص ٢٢٢.
(٤) هو الشارح العميدي كما في الحاشية.
(٥) وكذا قال الرازي في «المحصول» : ٢ / ٤٦٦.