بالشكّ» (١). فهو أيضا في غاية الوهن.
أمّا أوّلا : فلأنّا نمنع كون الشكّ حاصلا من جهة هذه القضية ، بل قد يحصل الشكّ مع عدم العلم بهذه القضيّة أيضا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ لفظ الشّكّ واليقين عامّ في الحديث ، ويشمل جميع الأفراد (٢).
وأمّا ثالثا : فلأنّ كلّ معلول يستحيل وجوده في الخارج بدون وجود علّته وإن كانت العلّة نفس الشكّ والوهم. فالشكّ قد يحصل بسبب حصول الوهم ، وقد يحصل بسبب أمر يقينيّ ، وعلى أيّ التقديرين إنّما تسبّب عن شيء يقيني (٣) فإن بنى على ذلك (٤) ، لا يوجد مورد للرواية كما لا يخفى.
نعم ، يمكن توجيه كلام القائل : بأنّ من الأشياء ما هو معلوم لهم جزما ، ومنها ما هو غير معلوم ، وقد اختلطا ، فعدم العلم بكون ذلك من المعلوم لا يوجب جواز الحكم بكونه من غير المعلوم من أجل استصحاب عدم العلم.
وفيه : أنّ ذلك إنّما يتمّ إذا علمنا بأنّ فيما لا نعلم حاله من الأشياء من جهة المعلوميّة لهم وعدمها ما هو معلوم لهم وهو فيما نحن فيه ، ممنوع ، إذ لا نعلم نحن أنّ في زمرة ما لا نعلم حاله من المسئولات ، ما يعلمه المعصوم عليهالسلام.
وأمّا الثاني : وهو السّؤال عمّا لم يقع بعد ، فهو أيضا يحمل على العموم إن لم يكن له فرد ظاهر ينصرف إليه ، واحتمال أن يكون المقام مقتضيا للإبهام. فلعلّ المسئول أراد الحكم بالنسبة الى بعض الأحوال ، وترك بيانه الى وقت الحاجة ، مع
__________________
(١) «التهذيب» : ١ / ٨ ح ١١ ، «الوسائل» : ١ / ٢٤٥ ح ٦٣١.
(٢) أي ويشمل الشك في الحديث جميع الأفراد حتى ما حصل من يقين آخر.
(٣) وهو اليقين بحصول الوهم أو حصول أمر يقيني آخر.
(٤) أيّ على كون المراد بالشّك في الحديث هو ما لم يكن حصوله من يقين.