وبالتأمّل في هذه النظائر يندفع استبعاد بعض المتأخّرين (١) من عدم ذكر مستند الاشتراك حين الاستدلال بتلك الخطابات ، مع أنّه هو العمدة. وادّعاء أنّ ظهور المستند بحيث يعلمه كلّ أحد من الخصوم ممّا يحكم البديهة بفساده ، مع أنّ جماعة منهم ادّعى أنّ الشراكة في الحكم بديهيّ معلوم بالضّرورة من الدّين ، وهو الحقّ الذي لا محيص عنه.
وبالجملة ، قد ثبت من الضّرورة والإجماع ، بل الأخبار المتواترة على ما ادّعى تواترها البيضاوي (٢) أيضا في تفسير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)(٣) ، أنّ المعدومين مشاركون مع الحاضرين في الأحكام إلّا ما أخرجه الدّليل ، بل الظاهر أنّ الدليل المخرج إنّما هو من جهة عدم حصول الشرط في المعدومين في الواجبات المشروطة ، كالجهاد وصلاة الجمعة ، على القول باشتراط حضور السّلطان أو نائبه ، لا من جهة تفاوت الحاضرين والغائبين ، بل لو فرض فقد الموجودين للشّرط ، لكانوا كالغائبين ، ولو فرض وجدان الغائبين له ، لكانوا مثل الموجودين ، كما أشرنا سابقا.
وقد نصّ بذلك (٤) مولانا الصادق عليهالسلام في رواية ابن أبي عمير [عمر] والزّبيدي في الجهاد ، «لأنّ حكم الله في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلّا من علّة أو حادث يكون ، والأوّلون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء والفرائض
__________________
(١) إشارة الى ردّ كلام الفاضل التوني في «الوافية» ص ١٢٠.
(٢) تفسير البيضاوي : ١ / ٥٧.
(٣) البقرة : ٢١.
(٤) أي الاشتراك إلا عند فقدان الشرط في المشروط بلا تفاوت بين الحاضر والغائب.