قلت : ليس كذلك (١).
أمّا أوّلا : فلأنّ احتياج الحقيقة حينئذ الى قرينة إنّما هو لعدم إرادة المعنى المجازي ، فإنّ دلالة اللّفظ على المعنى الحقيقي موقوف على انتفاء قرينة المجاز حقيقة أو حكما ولا شبهة في ذلك ، فإنّ انفهام الحيوان المفترس من الأسد موقوف على فقدان يرمي مثلا ، ولمّا لم يمكن إزالة الشّهرة التي هي قرينة في هذا المجاز حقيقة ، فيكتفى بانتفائها حكما بنصب قرينة تدلّ على المعنى الحقيقي ، كما أشار إليه الفاضل المدقّق الشيرواني (٢).
وأمّا ثانيا (٣) : فلأنّ اللّفظ يستعمل في المعنى الحقيقي حينئذ أيضا بلا قرينة ، غاية الأمر حصول الاحتمال ، فينوب ذلك مناب الاشتراك ، ولا يسقط عن كونه حقيقة ، ولا يلزم الاشتراك المرجوح أيضا (٤).
ألا ترى أنّ صاحب «المعالم» رحمهالله (٥) مع أنّه جعل الأمر في أخبار الأئمة عليهمالسلام
__________________
(١) ليس كل معنى يحتاج الى قرينة يكون معنى مجازيا.
(٢) في حاشية على «المعالم»
(٣) مشيرا الى اثبات الفرق بين القسمين بحسب الحكم أيضا.
(٤) إنّ ما نحن فيه يشبه الى حد ما الاشتراك ، فكما انّ لفظة العين إن استعملت بلا قرينة يحتمل حينئذ جميع معانيها ، فكذلك الأمر بعد اشتهاره بالندب لو استعمل بلا قرينة يحتمل إرادة الوجوب وارادة الندب. ومع ذلك حقيقة في الوجوب فقط ، ويجوز إرادته ولم يكن مشتركا بينهما كما قال ، ولا يلزم الاشتراك المرجوح أيضا إذ المفروض مجازيّة الندب. والمراد من الاشتراك المرجوح هو أن يكون احتمال أحد المعنيين فيه أظهر من الآخر لكثرة الاستعمال فيه ، فكان هو راجحا والآخر مرجوحا.
(٥) لقد استشهد بكلام صاحب «المعالم» في إثباته للجواب الثاني من جواز استعمال ـ