بالأعمّ الأغلب (١).
ومثل ما ذكرنا مثل المشترك إذا اشتهر في أحد معانيه مثل : العين في الباصرة أو هي مع الينبوع أو هي مع الذّهب ، فإنّه لا ريب أنّه عند إطلاقها ينصرف الذّهن الى أحد المذكورات لا الى غيرها من المعاني ، ومع ذلك فلا يجوز الاعتماد على هذا الانصراف.
وبالجملة ، التبادر مع ملاحظة الشّهرة لا يثبت كونها حقيقة ، ولا يخرج الحقيقة الأولى عن كونها حقيقة ، فتأمّل وافهم واستقم ، وبالتأمّل فيما حقّقنا تعلم معنى كون تبادر الغير علامة للمجاز.
الثالث : صحة السّلب يعرف بها المجاز كما تعرف الحقيقة بعدمها (٢). والمعتبر فيه أيضا اصطلاح التخاطب ، فصحّة السّلب وعدمها في اصطلاح لا يدل إلّا على كون اللّفظ مجازا أو حقيقة في ذلك الاصطلاح ، كما عرفت في التبادر.
والمراد صحّة سلب المعاني الحقيقية عن مورد الاستعمال وعدمها ، مثل قولهم للبليد : ليس بحمار ، وعدم جواز : ليس برجل. وزاد بعضهم (٣) في نفس الأمر
__________________
(١) فقد عزي الى بعض المتأخّرين الميل الى تقديم المجاز على الحقيقة لما حكي عن ابن جنّي من غلبة المجاز على الحقيقة ، وانّ أكثر اللغة مجازات فالظنّ يلحق المشكوك بالأعم الأغلب. وقد أظهر بيان فساده الأصفهاني في «هداية المسترشدين» راجعه في الفائدة التاسعة في طرق معرفة الحقيقة والمجاز.
(٢) أي بعدم صحة السلب.
(٣) كالعضدي في شرح «المختصر» في طي قوله : ومنها صحة النفي في نفس الأمر. قال : وإنّما قلت في نفس الأمر ليدفع ما أنت بانسان لصحته لغة. وأوضحه التفتازاني بقوله : وقيد بنفس الأمر لأنّه ربما يصح النفي لغة واللّفظ حقيقة كما في قولنا : زيد ليس ـ