المستعمل فيه مجازا لا يعرف إلّا بصحة سلب جميع المعاني الحقيقية ، ولا يعرف سلب جميع المعاني الحقيقة إلّا بعد معرفة أنّ المستعمل فيه ليس منها ، بلّ هو لاحتمال الاشتراك ، فإنّه يصحّ سلب بعض معاني المشترك عن بعض ، وهو موقوف على معرفة كونه مجازا ، فلو أثبت كونه مجازا بصحة السّلب لزم الدّور المذكور.
وأمّا لزوم الدّور في عدم صحّة السّلب ، فإنّ عدم صحة سلب المعنى الحقيقي موقوف على معرفة المعنى الحقيقي ، فلو توقّف معرفة المعنى الحقيقي على عدم صحّة سلب المعنى الحقيقي لزم الدّور ، هكذا قيل.
والحقّ ، أنّ الدّور فيه أيضا مضمر (١) ، لأنّ معرفة كون الإنسان حقيقة في البليد موقوف على معنى حقيقي للإنسان يجوز سلبه عن البليد ، كالكامل في الإنسانية ، ومعرفة عدم هذا المعنى موقوف على معرفة كون الإنسان حقيقة في البليد.
نعم لو قلنا : إنّ قولنا (٢) : عدم صحّة سلب الحقائق علامة الحقيقة سالبة جزئيّة ، كما هو الظاهر فلا يحتاج الى إضمار الدّور ، لكنّه لا يثبت إلّا الحقيقة في الجملة ، وبالنسبة كما سنذكره.
__________________
ـ واسطة كتوقف «أ» على «ب» و «ب» على نفس «أ» فهو دور حقيقي مصرّح. وإن كان أحد الطرفين موقوفا على الآخر ، وهو موقوف على واسطة وهي موقوفة على الطرف الأوّل ، والواسطة إمّا واحدة كتوقف «أ» على «ب» و «ب» على «ج» ثم «ج» على «أ» وعلى واسطتين مترتبتين أو ثلاث أو أكثر يتوقف أخيرتيها في الجميع على الطرف الأوّل ، فيقال في الأوّل دور مضمر بواسطة وفي الثاني بواسطتين وفي الثالث بوسائط وهكذا. ولا حصر لأقسامه ولكن إطلاقه ينصرف الى واسطة واحدة.
(١) وذكر هذا القول في «هداية المسترشدين» ١ / ٢٤١ وردّ عليه هناك. وكذا في «الفصول الغروية» ص ٣٤.
(٢) وهذا القول الآتي كلّه قد ردّ عليه الاصفهاني في «هداية المسترشدين» ١ / ٢٤٢.