والثالث (١) : مبنيّ على أنّ المجاز مستلزم للحقيقة ، فمع الاتّحاد لا يمكن القول بمجازيّته ، وأمّا مع التعدّد ؛ فلمّا كان المجاز خيرا من الاشتراك فيؤثر عليه (٢) ويترتّب على ذلك لزوم استعمال أمارات الحقيقة والمجاز في التمييز ، وحيث لم يتميز ؛ فالوقف.
وردّ : بمنع استلزام المجاز للحقيقة ، بل إنّما هو مستلزم للوضع ك : (الرّحمن) ، والحقيقة مستلزم للاستعمال ، وأنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.
ثمّ اعلم : أنّ عدم العلم بالوضع مع العلم بالمستعمل فيه ، يتصوّر على وجهين :
الأوّل : أن يعلم لفظ استعمل في معنى واحد أو في معان متعدّدة ، ولم يعلم أنّه موضوع لذلك المعنى أو المعاني أم لا ، فيحتمل عندنا أن يكون المستعمل فيه نفس الموضوع له ، ويحتمل أن يكون له معنى آخر وضع له ، ويكون هذا مجازا عنه فلا يعرف فيه الموضوع له أصلا ، لا معيّنا ولا غير معيّن.
وعلى هذا يترتّب القول بكون مبنى القول الثالث على كون المجاز مستلزما للحقيقة لا على الوجه الآتي (٣) ولكنّ ذلك الفرض مع وحدة المستعمل فيه فرض
__________________
(١) لم يصرّح هنا بالقائل لظهوره من دليله انّه كلّ من قال باستلزام المجاز للحقيقة.
(٢) أي يختار المجازية ونقول بعض منها مجاز والآخر حقيقة ، والتمييز يحتاج إلى إعمال أمارات الحقيقة والمجاز وحيث لم يتميّز فالوقف.
(٣) لأنّ هذا الوجه مما لم يعلم للّفظ حقيقة أصلا لا معيّنا ولا غير معيّن فيتم كلام هذا القائل حينئذ من حمل المستعمل فيه الواحد على الحقيقة لا المجاز ، إذ لو كان مجازا لا بد أن يكون له حقيقة أيضا لاستلزامه الحقيقة ، والمفروض وحدة المستعمل فيه بخلاف الوجه الآتي ، فإنّ فيه يعلم الحقيقة في الجملة سوى المستعمل فيه ، وإن لم يكن نفسها معلوما لنا. وبالجملة هذا الوجه ممّا يتصوّر فيه وحدة المستعمل فيه ، ـ