وأمّا مثل كلمة الرحمن (١) فهو خارج عن المتنازع فيه ، إذ المجازيّة فيه مسلّمة.
إنّما النزاع في أنّ له حقيقة أم لا ، وذلك لا ينافي القول بصيرورتها حقيقة عرفية فيه تعالى.
وممّا حقّقنا ، ظهر لك أنّه لا منافاة بين قول مشهور بوجوب التوقّف ، لأنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة في صورة تعدّد المستعمل فيه ، وقولهم بأنّ المجاز خير من الاشتراك.
أمّا في صورة التردّد بين كون المستعمل فيه مجازا أو فردا من أفراد ما هو القدر المشترك بينهما ؛ فظاهر لعدم اشتراك لفظيّ هناك يرجّح للمجاز عليه ، وهو غالب موارد قولهم : إنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة ، يعنون بذلك أنّه لا يثبت حكم ما ، هو من أفراد الكلّي حقيقة لهذا المشكوك فيه بمجرّد اطلاق الإسم عليه.
وأمّا في صورة التردّد بين كون المستعمل فيه حقيقة أو مجازا ، كما لو سلّم كون صيغة افعل حقيقة في الوجوب ، وشكّ في كونه حقيقة في الندب أيضا لأجل الاستعمال ؛ فمرادهم بقولهم : إنّ الاستعمال لا يدلّ على الحقيقة وأنّه أعمّ ، الردّ على السيّد ومن قال بمقالته.
فإذا قطعنا النظر عن غير الاستعمال ، فلا يوجب الاستعمال إلّا التوقّف ، لأنّه لا يمكن ترجيح المجازيّة بدليل آخر ، فلذلك يقولون : بأنّ الصّيغة في الندب مجاز ولا يتوقّفون في ذلك ، فتبصّر حتى لا يختلط عليك الأمر.
ولا بأس أن نشير الى بعض الغفلات ، فمنها ما وقع عن صاحب «المدارك» قال في منزوحات البئر : واعلم أنّ النصوص إنّما تضمّنت نزح الجميع في الخمر ، إلّا أنّ
__________________
(١) وهذا دفع لما يمكن أن يقال من أنّه كيف تحكم بأنّ اتحاد المستعمل فيه مشكوك والحال انّ كلمة الرحمن قد اتّحد فيها المستعمل فيه وهو الله سبحانه وتعالى.