معظم الأصحاب لم يفرّقوا بينه وبين سائر المسكرات (١) في هذا الحكم واحتجّوا عليه بإطلاق الخمر في كثير من الأخبار على كلّ مسكر ، فيثبت له حكمه وفيه بحث ، فإنّ الإطلاق أعمّ من الحقيقة ، والمجاز خير من الاشتراك (٢).
ونظير ذلك ايضا قال في ردّ من أوجب نزح الجميع للفقّاع مستدلّا بإطلاق الخمر عليه في الأخبار ، وأنت خبير بعدم صحّة الجمع بين قوله : فإنّ الإطلاق أعمّ ، وقوله : والمجاز خير من الاشتراك ، ويظهر وجهه بالتأمّل فيما حقّقناه.
وأمّا نظر جمهور علمائنا رحمهالله في الاستدلال بتلك الأخبار ، فليس الى كون المسكرات خمرا حقيقة أو الفقّاع خمرا كذلك ، بل وجه استدلالهم هو أنّ الاستعارة والتّشبيه المطلق يقتضي اعتبار المشابهة في جميع الأحكام لوقوعه في كلام الحكيم ، أو الأحكام الظاهرة الشّائعة ، ومنها حكم النجاسة ومقدار النزح ، فقد ذكروا في مثل ذلك وجوها ثلاثة :
أحدها : الإجمال ، لعدم تعيين وجه الشّبه.
والثاني : العموم ، لوقوعه في كلام الحكيم.
والثالث : التّشريك في الأحكام الشّائعة ، وهو أظهر الاحتمالات. ومن هذا القبيل قولهم : «الطواف في البيت صلاة» (٣).
__________________
(١) كالنبيذ من التمر ، والتبع بكسر الباء وسكون التاء المثناة وفتحها ، وهو نبيذ العسل.
والفضيخ بالمعجمتين من التمر والبسر ، والنقيع من الزّبيب ، والمرز بكسر الميم والزاء المعجمة الساكنة المهملة ، والجعة بكسر الجيم وفتح العين المهملة نبيذ الشعير ، وسائر المسكرات الأخرى تجد ذكرها في الكتب الفقهية المبسوطة في أبواب المطاعم والحدود.
(٢) «مدارك الأحكام» : ١ / ٦٣.
(٣) «عوالي اللئالي» : ١ / ٢١٤ ، الحديث ٧٠ ، و ٢ / ١٦٧ الحديث ٣ ، وفيهما : بالبيت بدل في البيت.