قانون
قد ذكرنا أنّ الأصل في التفهيم والتفهّم هو الوضع ، وأيضا الأصل والظاهر يقتضيان من عدم إرادة الزّائد على المعنى الواحد ، وعدم وضع اللّفظ لأكثر من معنى حتّى يكون مشتركا أو منقولا ، وعدم إرادة معنى آخر من اللّفظ غير المعنى الأوّل بسبب علاقة حتّى يكون مجازا ، فحيث علم وجود هذه المخالفات (١) وإرادة هذه الأمور من اللّفظ بقرينة حاليّة أو مقاليّة ، فهو وإن احتمل إرادة هذه الأمور ولم يكن قرينة عليها ، فلا ريب أنّه يجب الحمل على الموضوع له الأوّلي كما تقدّم (٢).
وأمّا لو كان الاحتمال والتردّد [الترديد] بين هذه الامور المخالفة (٣) لأصل الموضوع له المتجدّدة الطارئة له ، الحاصلة بسبب دواع خارجيّة ، فيتصوّر هناك صور عديدة يعبّر عنها الاصوليّون ب «تعارض الأحوال» يحصل من دوران اللّفظ
__________________
(١) ويبدو من قوله : فحيث علم الاعتقاد الراجح ليشمل الظنّ لوجود المخالفة أيضا ، فإنّه كالعلم به متّبع. هذا والصّور المتصورة هنا خمس هي العلم بالمخالفة ، والظنّ ، والعلم بالموافقة ، والظنّ بها ، وخامسها الشك بين الأمرين في الأوّلين ، بحمل اللّفظ على المخالف للأصل ، وفي الثلاثة الباقية على الموافق للأصل.
(٢) كما تقدم في أنّ الأصل في التفهيم والتفهم هو الوضع والظاهر منه أيضا الواضع الأوّلي.
(٣) الفرق جلي بين هذا القسم الأخير والقسمين الأوّلين في قوله : فحيث علم وجود هذه المخالفات ، وقوله : ان احتمل إرادة هذه الأمور. لأنّ في الأوّل العلم بوجود واحد من الأمور المخالفة للأصل بواسطة القرينة موجود فيؤخذ بمقتضاه. وفي الثاني وجود أحدها محتمل مع وجود احتمال وجود الموضوع له الأوّلي فيؤخذ بمقتضى أصالة الحقيقة وظاهر اللّفظ ، ولكن في هذا القسم احتمال وجود الموضوع له الأوّلي منتف ، والعلم الاجمالي بوجود أحد الأمور المخالفة موجود من غير قرينة على التعيين فهذا القسم هو عنوان مسألة تعارض الأحوال.