وأمّا حجّية مثل هذا الظنّ ، فيدلّ عليه (١) ما يدلّ على حجيّة أصالة الحقيقة مع احتمال إرادة المجاز ، وخفاء القرينة ، فكما أنّ الوضع من الواضع ، فهذه الامور المخالفة له الطارئة عليه أيضا من جانب الواضع ، ولذا يقال : إنّ المعنى المجازيّ وضع ثانويّ ، فكما يكتفى في المعنى المجازي بالقرائن المعهودة المعدودة ، فكذا يكتفى في معرفة أنّ ذلك اللّفظ مجاز لا مشترك ولا منقول ، بقرينة الغلبة ، سيّما والأصل عدم الوضع الجديد ، وعدم تعدّده ، وعدم الإضمار ، وغير ذلك ، ولم نقف على من منع اعتبار مثل هذا الظنّ من الفقهاء.
وبالجملة ، فلا مناص عن العمل بالظنّ في دلالة الألفاظ ، خصوصا على قول من يجعل الأصل جواز العمل بالظنّ إلّا ما خرج بالدّليل (٢) ، مع أنّه يظهر من تتبّع تضاعيف الأحكام الشرعيّة والأحاديث ، اعتبار هذا الظنّ ، فلاحظ وتأمّل. وإن شئت أرشدك الى موضع واحد منها ، وهو ما دلّ على حلّيّة ما يباع في أسواق المسلمين وإن أخذ من يد رجل مجهول الإسلام ، فروى إسحاق بن عمّار في الموثّق عن العبد الصالح (٣) أنّه قال : «لا بأس بالصلاة في فرو اليماني وفيما صنع
__________________
(١) غرضه انّ حجّية هذا الظنّ ليس لأجل دليل الانسداد الذي يثبت حجّية الظنّ في زمان الانسداد دون الانفتاح ، بل حجّيته لأجل الدليل الخاص الذي يثبت حجّية هذا الظنّ ولو مع الانفتاح وهو بناء العقلاء.
(٢) كالظنّ في أصول الدّين وكالظنّ الحاصل من القياس والاستحسان أو المصالح المرسلة.
(٣) يراد منه الامام موسى بن جعفر عليهماالسلام ويستفاد من بعض الأخبار أنّه صار ملقّبا بهذا اللّقب في عالم القدس. وروي انّ هارون أرسل جارية لها جمال فائق يريد بالامام عليهالسلام سوءا وكيدا فجعلها معه في السّجن ، وبعد مدة أرسل هارون خادمه ـ