النزاع في ثبوت الحقيقة الشرعيّة ، وإلّا فالمشهور تقديم العرف العامّ لإفادة الاستقراء ذلك.
وقيل : يقدّم اللّغة لأصالة عدم النقل ، والأوّل أظهر.
وأمّا ثبوت الحقيقة الشرعيّة ، ففيه خلاف ، والمشهور بينهم أنّ النزاع في الثبوت مطلقا والنّفي مطلقا.
والحقّ كما يظهر من بعض المتأخّرين التفصيل (١).
وتحرير محلّ النزاع هو أنّ كثيرا من الألفاظ المتداولة على لسان المتشرّعة ـ أعني بهم من يتشرّع بشرعنا فقيها كان أو عاميّا ـ صارت حقائق في المعاني الجديدة التي استحدثها الشارع ولم يكن يعرفها أهل اللّغة ، مثل الصلاة في الأركان المخصوصة ، والصوم في الإمساك المخصوص ، الى غير ذلك ، فهل ذلك بوضع الشارع إيّاها في إزاء هذه المعاني بأن نقلها من المعاني اللّغوية ووضعها لهذه المعاني الجديدة ، أو استعملها مجازا في هذه المعاني مع القرينة وكثر استعمالها فيها الى أن استغنى عن القرينة فصارت حقائق ، أو لم يحصل الوضع الثانوي في كلامه بأحد من الوجهين وكان استعماله فيها بالقرينة؟
__________________
(١) يمكن أن يقصد من هذا البعض السيد صدر الدين حيث اختار التفصيل كما في شرح «الوافية» تبعا لما حكاه عن معاصره السيد الفاضل نصر الله المدرّس بالحائر. هذا وسيأتي من المصنف كلام في التفصيل كما في طيّ قوله : وكيف كان فالحق ثبوت الحقيقة الشرعية في الجملة ، وأما في جميع الألفاظ والأزمان فلا ... الى آخر كلامه.
ويمكن لنا أن نقول انّ التفصيل أي التفصيل بين الألفاظ والأزمان كليهما يعني ثبوتها في بعض الألفاظ وبعض الأزمان ، فحينئذ مراد القول بثبوتها مطلقا ، ثبوتها في جميع الألفاظ والأزمان ، وبنفيها مطلقا نفيها في جميعها ، وأما التفصيل بثبوتها في جميع الألفاظ وبعض الأزمان أو بالعكس فالظاهر أنّه لم يظهر من أحد.