ويظهر ثمرة النزاع إذا وجدت في كلامه بلا قرينة.
فإن قلنا بثبوت الحقيقة ، فلا بدّ من حملها على هذه المعاني وإلّا فعلى اللّغوي.
وقد طال التّشاجر بينهم في الاستدلال ، ولكلّ من الطرفين حجج واهية (١). وأقوى أدلّة النافين (٢) أصالة عدم النقل.
وأقوى أدلّة المثبتين (٣) : الاستقراء ، فيدور الحكم مدار الاستقراء.
وقد يستدلّ بالتبادر (٤) ، بأنّا إذا سمعنا هذه الألفاظ في كلام الشارع ، يتبادر في أذهاننا تلك المعاني ، وهو علامة الحقيقة. وهذا الاستدلال من الغرابة بحيث لا يحتاج الى البيان ، إذ من الظاهر أنّ المعتبر من التبادر هو تبادر المعنى من اللّفظ عند المتحاورين بذلك اللّفظ ، فإذا سمع النحويّ لفظ الفعل من اللّغوي وتبادر الى ذهنه ما دلّ على معنى في نفسه مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، لا يلزم منه كونه حقيقة فيه عند اللّغوي أيضا.
وربّما زاد بعضهم مصادرة (٥) وقال : الظاهر أنّ ذلك التبادر استعمال الشارع لا
__________________
(١) بمعنى ضعيفة.
(٢) كالقاضي أبي بكر منع منه مطلقا كما في «المحصول» وليس حصرا فيه فقط وقد نسب إليه القول : بأنّ هذه الألفاظ باقية في معانيها اللّغوية والزيادات شروط لقبولها وصحتها.
(٣) كالمعتزلة فإنّهم اثبتوها مطلقا ، فما كان اسما للفعل كالصلاة والصوم والزكاة والوضوء سموها شرعيّة وما كان اسما للذّات كالمؤمن والكافر والمنافق سمّوها دينية كما في «المحصول» ، وليس حصرا فيهم فقط فقد صرّح الآمدي بنسبته الى الخوارج والفقهاء أيضا.
(٤) على الاثبات.
(٥) قيل انّ مراده من هذا البعض هو الوحيد البهبهاني. وقيل : السيد صدر الدّين. وقيل هو ـ