ولكن الرجوع إلى كتاب تاريخي قديم يبحث هذا الموضوع نجد أن بختنصر قد شيد في هذا المكان معبدا لعبادة الشمس لا غير. وتوجد في هذا الكتاب رواية عن بختنصر هكذا تقول : «إنني شيدت في بابل معبدا بالآجر والقار للشمس التي تعد صاحبة السلطة المطلقة والحاكمة الناهية في بلاطي والمرجع الأعلى في المنازعات والاختلافات على مختلف أنواعها أي لرب شماس الذي يعد أكبر القضاة وكبير حكام العالم».
مدينة الحلة التي هي من إنشاءات العهد الإسلامي قد أخذت مكان مدينة بابل العتيقة منذ بداية القرن الثاني عشر ، وعندما كان المسلمون يقومون بإنشائها أخذت شمس البابليين في الإشراق على سواحل شط الفرات مرة أخرى (١) ولكن الآن لم تصبح عاصمة بختنصر التي كانت تنافس في العهد القديم مدينة نينوى الكبيرة ، غير ولاية صغيرة تابعة لدولة تركيا المعظمة؟!.
إن رب اسرائيل يجب أن ينتقم انتقاما شديدا من هذه المدينة وأن يهدمها ويمحوها من الوجود ، لأنه كان قد أخبر بواسطة أنبيائه بأنه : «إذا ما وصلت عظمة مقام بابل لدرجة أن تنافس بها السماء وأن قدرتها تبلغ مبلغ الكمال فعليّ أن أقوم بهدمها وأعدمها من الوجود.
وإذا تجولنا في أطراف المدينة وتفحصنا جدرانها المهدمة ظهر لنا أن هذه الحيطان كانت تصل بين التلين الواقعين أقصى الجهتين المقابلتين لمدينة بابل ، وعلى هذا الأساس كانت مدينة الحلة بمثابة المركز لمساحة بابل التي كانت تبلغ خمسمائة وثلاثة عشر كيلومترا مربعا ، وأنها كانت تقع في وسط مائة بوابة.
وينبغي ألا نتصوّر أن هذه المساحة الشاسعة كلها كانت مأهولة بالسكان وأن الأبنية والعمارات كانت تغطيها من أقصاها إلى أقصاها ذلك لأنه بحسب رواية كونت كوري لم تكن عمارات سواحل الفرات تشغل أكثر من (٩٠) أستادا مربعا ، أما بقية الأراضي التي تحيط بهذه المساحة فكانت تزرع لدرجة
__________________
(١) لا ندري ما الذي تعني السائحة بهذا القول. «المترجم»