واحتمالا للشدائد وأن يدعو إلى إصابتهم بأخطر من هذا المرض.
أعود إلى ذكر الطبيب العطوف فأقول إنه كان من أجل أن يخلصنا من أفكارنا السوداء اليائسة يلهينا بسرد القصص الطريفة والأخبار عن مدينة البصرة وأهليها.
كان يقول : إن البصرة قد شيدت فوق أرض رسوبية جديدة وإنها لم تكن من المدن القديمة جدّا إذ لم تنشأ إلّا بعد وفاة النبي العربي (صلىاللهعليهوسلم) بأمر من الخليفة الثاني عمر (رضياللهعنه) فقد اتخذ منها مركزا تجاريّا وعسكريّا مهمّا في العراق وإن تاريخ هذه المدينة الحديث مليء بأخبار الحروب المستعرة بين الترك والفرس للاستيلاء عليها أو التصرّف بها. ولقد كانت هذه الحروب سجالا بين الطرفين فكانوا يتناوبون في احتلال البصرة ، وأخيرا ، وفي نهاية القرن الماضي وبعد محاصرة دامت أكثر من أحد عشر شهرا دخلها الفرس ظافرين وبقيت تحت النفوذ الفارسي حتى زمن السلطان كريم خان الزند .. أما بعد هذا العهد فلم يستطيع خلفاء هذا السلطان أن يحافظوا عليها ضمن ممتلكات فارس لأنهم كانوا ضعافا وإن أخطارا كثيرة أخذت تهدّد البلاد في الصميم فدفعهم ذلك إلى أن يصرفوا النظر عن الممتلكات البعيدة ويدعوها للدول المجاورة! وهكذا انتقلت البصرة إلى نفوذ الحكم العثماني .. وأخذت تمر بها أخطار وأحداث تركت فيها أسوأ الآثار .. فنفوسها مثلا أخذت بالتناقص وهي اليوم نصف ما كانت عليه في السابق وتقدّر بأقل من أحد عشر ألف نسمة.
ولكن البصرة على رغم ذلك كله ما زالت تحتفظ بمركزها التجاري الممتاز القديم ولها اليوم روابط وعلاقات سوقية مع الهند.
وأردف الطبيب ذلك بقوله : وإن كميات الحنطة الكبيرة التي حدثتماني برؤيتها عند وصولكم البصرة ما هي ـ في الواقع ـ إلّا بعض الكميات التي يرسل بها التجار إلى الهند (١).
__________________
بالتفاح الذهبي وهذا العمل كان الحادي عشر من خوارق هركول المعروفة!! «م»
(١) كانت البواخر حينذاك تنقل يوميّا آلاف الأكياس من حبوب العراق إلى الهند ـ والخليج ، أمّا الآن وبالرغم من تقدّم الزراعة واختراع الآلات فإننا نستورد الحنطة من الخارج؟؟!!