جئني برجل. فكما أنّ للنكرة إطلاقين قد مرّ بيانهما (١) ، فكذلك للعهد الذّهني المساوق لها في المعنى.
والحاصل ، أنّ المراد به المعهود الذّهني ، سواء قلنا باشتراك المعرّف باللّام بين المعاني الأربعة (٢) ويعيّن ذلك بالقرينة ، أو قلنا بكونه حقيقة في الجنس واستعمل هنا في الفرد حقيقة من باب إطلاق الكلّيّ على الفرد مع قطع النظر عن الخصوصيّة ، فإنّ استعمال الكلّيّ في الفرد وإن كان على سبيل المجاز أيضا ، فهو من باب استعمال العامّ المنطقيّ في الخاصّ ، لا العامّ الأصوليّ ، وكيف كان فهو خارج عن المبحث.
احتجّ مجوّزوه الى الثلاثة والاثنين : بما قيل في الجمع ، وأنّ أقلّه ثلاثة أو اثنان (٣).
وفيه : منع واضح ، إذ لا ملازمة بين الجمع والعامّ في الحكم.
وقد يوجّه بأنّ العامّ إذا كان جمعا كالجمع المعرّف باللّام ، فيصدق على الثلاثة والاثنين ، ولا قائل بالفصل (٤).
وفيه : أنّ من ينكر التخصيص الى الواحد والاثنين والثلاثة ، لا يسلم ذلك في الجمع المعرّف باللّام أيضا.
وحجّة التفصيل مع جوابه : يظهر بالتأمّل فيما ذكر وما سيجيء.
__________________
(١) بيان الاطلاقين للنكرة ، أحدهما : هو كونها معيّنا عند المتكلّم المبهم عند المخاطب نحو : (جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ،) وثانيهما : المبهم عند المتكلّم أيضا ك : جئني برجل.
(٢) وهي الجنس والاستغراق والعهد الخارجيّ والذّهني.
(٣) وذكره في «المعالم» : ص ٢٧٦.
(٤) أي بين الجمع المعرّف باللّام وغيره من ألفاظ العموم.