احتياج حدود الدلالات الى قيد الحيثيّة ، ولا بأس أن نشير إليه ، وإن كان خروجا عن مقتضى المبحث.
فاعلم أنّ العلّامة الحلّي قدسسره في «شرح منطق التجريد» بعد ما أورد الإشكال المشهور على حدود الدّلالات بقوله : واعلم أنّ اللّفظ قد يكون مشتركا بين المعنى وجزئه أو بينه وبين لازمه ، وحينئذ يكون لذلك اللّفظ دلالة على ذلك الجزء من جهتين ، فباعتبار دلالته عليه من حيث الوضع يكون مطابقة ، وباعتبار دلالته عليه من حيث دخول في المسمّى يكون تضمّنا وكذا في الالتزام ، فكان الواجب عليه ، ـ يعني على المصنّف ـ أن يقيّد في الدّلالات الثلاث بقوله : من حيث هو كذلك ، وإلّا اختلّت الرّسوم.
قال : ولقد أوردت عليه قدّس الله روحه هذا الإشكال.
فأجاب : بأنّ اللّفظ لا يدلّ بذاته (١) على معناه ، بل باعتبار الإرادة والقصد. واللّفظ حين يراد منه معناه المطابقيّ ، لا يراد منه معناه التضمّني ، فهو إنّما يدلّ على معنى واحد لا غير ، وفيه نظر (٢) ، انتهى.
وحاصل ما ذكره ذلك المحقّق (٣) ، كما نقل عنه بالمعنى في موضع آخر (٤) : إنّ دلالة اللّفظ لمّا كانت وضعيّة ، كانت متعلّقة بإرادة اللّافظ إرادة جارية على قانون الوضع ، فاللّفظ إن أطلق وأريد به معنى ، وفهم منه ذلك المعنى ، فهو دالّ عليه ، وإلّا فلا. فالمشترك إذا أطلق وأريد به أحد المعنيين ، لا يراد به المعنى الآخر ، ولو أريد
__________________
(١) أي مجرّد عن اعتبار الارادة.
(٢) وجه النظر نمنع كون الدّلالة تابعة للارادة ، بل تابعة للوضع.
(٣) وهو المحقق الطوسي المذكور.
(٤) وانّ الناقل بالمعنى هو التفتازاني في «المطوّل» : ص ٥٠٩ في أوّل فن علم البيان ، ولكنّه بعد نقل هذا الكلام كما هو المذكور هنا قال : وفيه نظر.