الثالث :
قد عرفت أنّ الإجماع هو اتّفاق الكلّ أو اتّفاق جماعة يكشف عن رأي الإمام ، فأمّا لو أفتى جماعة من الأصحاب ولم يعلم لهم مخالف ولم يحصل القطع بقول الإمام عليهالسلام ، فهو ليس بإجماع جزما.
قال الشهيد في «الذّكرى» (١) : وهل هو حجّة مع عدم متمسّك ظاهر من حجّة عقلية أو نقلية. الظاهر ذلك (٢) ، لأنّ عدالتهم تمنع عن الاقتحام على الإفتاء بغير علم. ولا يلزم من عدم الظّفر بالدّليل عدم الدّليل ، خصوصا وقد تطرّق الدّروس (٣) إلى كثير من الأحاديث ، لمعارضة الدّول المتخالفة ومباينة الفرق المنافية وعدم تطرّق الباقين إلى الردّ له (٤) ، مع أنّ الظاهر وقوفهم عليه ، وأنّهم لا يقرّون ما يعلمون خلافه.
فإن قلت : لعلّ سكوتهم لعدم الظّفر بمستند من الجانبين (٥).
قلت : فيبقى قول اولئك (٦) سليما من المعارض. ولا فرق بين كثرة القائل بذلك أو قلّته ، مع عدم معارض ، وقد كان الأصحاب يتمسّكون بما يجدونه في «شرائع» الشيخ أبي الحسن بن بابويه رحمهالله عند إعواز النّصوص لحسن ظنّهم به ، وإنّ فتواه كروايته (٧).
__________________
(١) وقد نقله عنه في «المعالم» ص ٣٣٣ أيضا.
(٢) لأن الاجماع هو الاتفاق لا عدم العلم بالخلاف والى الأوّل ينظر قولهم : انّ هذه المسألة مما لا خلاف فيه. وإلى الثاني قولهم : مما لا نعلم فيه مخالفا.
(٣) كما في الحاشية انّ مقصوده الاندراس والانمحاء ، كذا أفاده في الدرس.
(٤) حيث لم يعثروا على طريق الى رده بعدم الخدشة فيه من جهة السند أو الدلالة.
(٥) أي أصل الحكم وعدمه هذا كما في الحاشية.
(٦) المجمعين.
(٧) قال في الحاشية : فيه انّ الظاهر انّ تمسّكهم بما يجدونه في شرائع ابن بابويه لعلّه من ـ