وأمّا آية النفر (١) ، فهي أيضا دالّة عليه كالخبر ، لأنّ تحصيل المعرفة به (٢) تفقّه ، والإخبار به إنذار.
وأمّا الإجماع الذي نقلوه في حجّية خبر الواحد ، فلمّا كان بالنسبة إلينا منقولا فالتمسّك به دوريّ ، ومن ظهر له القطع بذلك الإجماع بحيث يشمل هذا النبأ الذي هو مدلول التزاميّ للإجماع المنقول الذي نحن نتكلّم فيه فهو ، وإلّا فلا وجه للاستدلال به.
وأمّا انسداد باب العلم وانحصار الطريق في الظنّ ، فدلالته عليه (٣) واضحة ، لأنّ مقتضاه حجّية الظنّ من حيث إنّه ظنّ ، لا ظنّ خاصّ.
واستدلّوا أيضا على حجّيته بالأولوية (٤) بالنسبة إلى خبر الواحد ، فإنّ الظنّيّ المنقول بخبر الواحد إذا كان حجّة فالقطعيّ المنقول به أولى (٥) ، وسيجيء الكلام (٦) في توضيح هذا الاستدلال.
وبقوله عليهالسلام : «نحن نحكم بالظاهر» (٧).
واجيب عن الأوّل (٨) : بأنّ الاطّلاع على الإجماع أمر بعيد ، فالظنّ بوقوعه
__________________
(١) قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) التوبة : ١٢٢.
(٢) بالإجماع المنقول.
(٣) أي دلالة انسداد باب العلم وانحصار الطريق في الظنّ على الاجماع المنقول.
(٤) كما هو عن الحاجبي على ما في «الزبدة» ص ١٠٤ والذي قال : وفيه نظر.
(٥) راجع «اتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر» ٢ / ١٢٨٢.
(٦) بعد أسطر قليلة.
(٧) «ايضاح الفوائد» : ٣ / ٤٨٦ ، وح ٤ / ٣٢١ ، «جامع المقاصد» : ٩ / ١٠ ، «مسالك الافهام» :٨ / ٢٩٤ ـ والذي يفيد الظنّ ويدخل فيه الاجماع المنقول لظهوره وافادته الظنّ ـ.
(٨) وهو الاستدلال الأوّل راجع «الزبدة» ص ١٠٤.